للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" (١) الحديث.

الثالثة: أنه لما كانت القلوب هي المصححة للأعمال الظاهر وأعمال القلب غيبت عنا فلا نقطع بعيب أحد لما نرى عليه من صور أعمال الطاعة أو المخالفة فلعل من يحافظ على الأعمال الظاهرة يعلم اللّه من قلبه وصفا مذموما لا تصح معه تلك الأعمال، ولعل من رأينا عليه تفريطًا أو معصية يعلم اللّه من قلبه وصفا محمودًا يغفر له بسببه فالأعمال إما رأت ظنية لا أدلة قطعية، ويترتب عليها عدم الغلو في تعظيم من رأينا عليه أفعالا صالحة وعدم احتقار لمسلم رأينا عليه أفعالا سيئة بل نحتقر ونذم تلك الحالة السيئة لا تلك الذات المتسببة، فتدبر هذا فإنه نظر دقيق (٢) انتهى، قاله في الديباجة.

واعلم أن القلب عضو شريف فيه نور الإيمان وأنه موضع التقوى قال - صلى الله عليه وسلم -: "التقوى هاهنا وأشار إلى قلبه" (٣)، والأعمال وسائل بها يتقرب العباد إلى اللّه تعالى وبها يظهر المطيع من العاصي فصار كل منهما محل نظره تعالى بخلاف الصور لأن المقصود منها ما هو في بواطنها من معرفة خالقها والعلم بذاته وصفاته وبخلاف الأموال، لأن الدنيا ما تزن عند اللّه جناح بعوضة فما ظنك بالأموال، انتهى.


(١) أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٠٧ - ١٥٥٩) عن النعمان بن بشير.
(٢) جميع ما سبق نقلا عن المفهم (٢١/ ٨٣ - ٨٤).
(٣) أخرجه أحمد (١٩/ ٣٧٤)، وأبو يعلى رقم (٢٩٢٣).