من الحديث تعظيم الأمة وشرفها لشرفه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتقدم الكلام على الغنيمة.
قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ونُصرت بالرعب مسيرة شهر"، ومعناه أن اللَّه تعالى كان يقذف الرعب في قلوب أعدائه لتخذيلهم وورد في بعض طرق الحديث أنه كان يسير الرعب بين يديه شهرًا، معناه إذا توجه إلى وجه من الأرض ألقى اللَّه الرعب على من أمامه إلى مسيرة شهر، قاله العراقي في شرح الأحكام، وقال بعضهم أيضًا: معناه أن العدو يخافني وبيني وبينه مسافة شهر يريد من نصر اللَّه تعالى إياه.
قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وبعثت إلى كل أحمر وأسود" الحديث، قيل المراد بهم العرب والعجم. وقيل المراد بالأحمر الناس وبالأسود الجن، قد ثبت في الحديث الصحيح أن طائفة من الجن آمنوا به -صلى اللَّه عليه وسلم-. ففي البخاري أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: أتاني جن نصيبين ونعم الجن، فذكر الحديث بطوله.
قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وأعطيت الشفاعة وهي نائلة من أمتي من لا يشرك باللَّه شيئا" وفي رواية إن شاء اللَّه تعالى. فيه إبطال مذهب المعتزلة القائلين بنفي شفاعة المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- في أهل الكبائر، ففي الترمذي عن أنس -رضي اللَّه عنه- قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي أففيه، دلالة لمذهب أهل الحق أن من مات غير مشرك باللَّه لم يخلد في النار وإن كان عاصيا مصرا على الكبائر. قوله:"إن شاء اللَّه تعالى" فهو على جهة التبرك والامتثال لقول اللَّه عز وجل: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (١)، وتقدم