للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناقشة وجه الدلالة: نوقش وجه الدلالة من وجهين:

الوجه الأول: أنَّ المرادَ بأولي الأمرِ في الآيةِ الأمراءُ والولاةُ؛ لأنَّ اللهَ تعالى أوجبَ طاعتَهم، ولا يجبُ على المجتهدِ اتباع المجتهلِه، وإذا كانَ أولو الأمرِ هم الأمراءُ، فطاعتُهم في أمورِ الدنيا مِنْ تدبيرِ الممالك وتجهيزِ العساكرِ وغيرِهما، ويدلُّ على ذلك: أنَّ الطاعةَ تُستعملُ في أمرِ السلاطين، فأمَّا في فتوى المجتهدِ، فلا يُقال لها: طاعةٌ (١).

الوجه الثاني: سلمنا لكم أنَّ المرادَ بأولي الأمرِ هم العلماء، لكنَّ المأمورَ بطاعتِهم هم العوام، لا المجتهدون؛ لأنَّ طاعةَ المجتهدِ على المجتهدِ غيرُ واجبةٍ، فلا تكون مرادةً مِن الآيةِ (٢).

الدليل الثالث: قال الله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ} (٣).

وجه الدلالة: أنَّ المرادَ بأولي الأمرِ في الآيةِ هم المجتهدون، ويكونُ الردُّ إليهم مِنْ قِبَل العامةِ والمجتهدين؛ إذ الآيةُ عامّةٌ، ولم تفصِّلْ.

مناقشة وجه الدلالة: أنَّ الخطابَ في الآيةِ متوجهٌ إلى العامةِ، لا إلى المجتهدين؛ بدليلِ قولِ الله تعالى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (٤)؛ لأنَّ المجتهدَ مِنْ أهل الاستنباطِ، فَظَهَرَ أنَّ الخطابَ موجهٌ إلى العامةِ، لا إلى أهلِ الاستنباطِ (٥).

الدليل الرابع: قال الله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (٦).


(١) انظر: المصادر السابقة، والمستصفى (٢/ ٤٥٩).
(٢) انظر: المستصفى (٢/ ٤٥٩ - ٤٦٠)، ونهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٩١٥ - ٣٩١٦)، وشرح مختصر الروضة (٣/ ٦٣٤).
(٣) من الآية (٨٣) من سورة النساء.
(٤) من الآية (٨٣) من سورة النساء.
(٥) انظر: العدة (٤/ ١٢٣٢).
(٦) من الآية (١٢٢) من سورة التوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>