للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلالةُ الحديثِ على اشتراطِ الولي في عقدِ النكاح دلالةٌ واضحةٌ، ولأنَّ مذهبَ الحنفيةِ لا يتفق مع ما دلَّ عليه الحديثُ، فإن بعضَهم لم يُسلّم بدلالته، وراح يتأوّله بعدّةِ تأويلات.

يقولُ الطوفي: "إنَّ الحنفيةَ لما اعتقدوا أنَّ المرأةَ لها أنْ تُزوِّجَ نفسَها بغيرِ أذنِ وليها؛ لأنَّه عقدٌ على بعضِ منافعِها، فاستقلّتْ به، كإجارةِ نفسِها، وكان الحديثُ المذكورُ صريحًا في اشتراطِ أذنِ وليّها، وأنَّه لا يصُّح بدونِه: احتاجوا إلى دفعِه عنهم بالتأويلِ" (١).

فأوَّل عددٌ مِنْ الحنفيةِ الحديثَ بعدة تأويلات، منها (٢):

التأويل الأول: يُحْمَل الحديثُ على الصغيرةِ.

التأويل الثاني: يُحْمَلُ الحديث على الأَمَةِ.

التأويل الثالث: يُحْمَلُ الحديثُ على المكاتبة (٣).


= ولي (٩/ ٣٩)، برقم (٢٢٦٢)، ونقل تحسين الترمذي.
وقال ابنُ الجوزي في: التحقيق في أحاديث التعليق (٤/ ٢٨٦) عن إسناد الترمذي: "رجاله رجال الصحيح".
وتعقب ابن عبد الهادي في: تنقيح التحقيق (٤/ ٢٨٧) قول ابن الجوزي؛ لأن في الإسناد سليمان بن موسى، وليس من رجال الصحيح.
وصحح الحديثَ: ابنُ معين في: التاريخ (٣/ ٢٣٢)، رقم (١٠٨٩)، وأبو عوانة وابن خزيمة - كما نقل الحافظ ابنُ حجر تصحيحهما في: فتح الباري (٩/ ١٩١) - وابنُ الملقن في: البدر المنير (٧/ ٥٥٣)، والألبانيُّ في: إرواء الغليل (٦/ ٢٤٣).
وللتوسع في الحديث انظر: نصب الراية للزيلعي (٣/ ١٨٣ - ١٩٠)، والبدر المنير لابن الملقن (٧/ ٥٥٣ - ٥٦٢)، والتلخيص الحبير لابن حجر (٥/ ٢٢٧٦ - ٢٢٧٩)، وإرواء الغليل للألباني (٦/ ٢٤٣ - ٢٤٧).
(١) شرخ مختصر الروضة (١/ ٥٧٤).
(٢) ذكر السرخسي في: أصوله (٢/ ٣) أنَّ الإمام أبا حنيفة، وأبا يوسف لم يعملا بحديث عائشة - رضي الله عنهما - لأن أحدَ رواته أنكر روايته. وانظر: شرح معاني الآثار للطحاوي (٣/ ٨ وما بعدها)، وأحكام القرآن للجصاص (٢/ ١٠٣)، وتقويم أصول الفقه لأبي زيد الدبوسي (٢/ ٢٩٥)، والتقرير لأصول فخر الإسلام للبابرتي (٤/ ٣٨٨).
(٣) انظر: البرهان (١/ ٣٣٩)، وقواطع الأدلة (٣/ ٤٦)، والمستصفى (٢/ ٥٦)، وإيضاح المحصول للمازري (ص/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>