للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: يُعَدُّ التفقهُ في الدينِ عن طريقِ التَّرقي في طلبِ العلمِ في المذهبِ الفقهي مِنْ أَسْلَمِ الطُّرقِ وأقصرِها وأفضلِها؛ لأنَّ علماءَ المذهبِ خدموا مذهبَهم بكتابةِ مسائل علمي: الفقهِ وأصولِه على أُسُسٍ منهجيةٍ، تَضْمَنُ لمحصِّلِها الفهمَ الشمولي؛ إِذ رُتِّبَتْ مسائلُ هذينِ العلمينِ في المؤلفاتِ المذهبية ترتيبًا متناسقًا، بحيثُ يسهلُ فهمُها واستيعابُها، ويسهلُ أيضًا الرجوعُ إِليها عند الحاجةِ (١).

رابعًا: حَوَتْ مدوَّناتُ المذاهب الفقهيةِ كثيرًا مِن الفروعِ الفقهيةِ، مخدومةً ببيانِ حكمِها، ودليلِها وأصَلِها وقاعدتِها، وفي تركِ هذه الثروةِ الفقهيةِ خسارةٌ كبيرةٌ.

وأيضًا: ففي هذه الثروةِ العظيمةِ تسهيلٌ للاجتهادِ لدى الفقيهِ، وخاصةً في العصورِ التاليةِ لمراحل اكتمالِ تدوينِ المذاهبِ (٢).

خامسًا: بيّنتْ كتبُ المذاهبِ الفقهيةِ طرائقَ الاجتهادِ، وقواعدَ الاستنباطِ مِنْ خلالِ ما كُتِبَ في أصولِ الفقهِ مِنْ وجهاتِ نظرِ كلِّ مذهبٍ (٣).

سادسًا: الضرورةُ قائمةٌ لمعرفةِ ما دوَّنه علماءُ المذاهبِ مِنْ أحكام في الفقهِ وأصولِه؛ لئلا يخرجَ الناظرُ في المسألةِ عن أقوالِهم.

ومع أن الحاجةَ إِلى المذاهبِ الفقهيةِ قائمةٌ، فإِنَ هذا لا يَعْنِي عدمَ توجّه النقدِ إِلى تصرفاتِ بعضِ المتمَذهبين بها، ولا يَعْنِي - أيضًا - التسليمَ بكل ما حوته المذاهبُ الفقهيةُ مِن الأحكامِ، وما بثّه علماؤها مِنْ آراء في مصنفاتِهم (٤).


(١) انظر: المدخل الفقهي للدكتور خليفة با بكر، وزميليه (ص/ ٣٠١).
(٢) انظر: المذهب الحنبلي للدكتور عبد الله التركي (١/ ١٩).
(٣) انظر: المصدر السابق.
(٤) لأبي إِسحاق الشاطبي في كتابه: الموافقات (١/ ١٣٩ - ١٥٤) كلامٌ نافعٌ في بيان أنفع الطرق الموصلة إِلى التفقه في الشريعة، وذَكَرَ بعضَ الانتقادات الموجهة إِلى بعض الكتب المذهبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>