بكسر الميم وهو لغة في الإملاك بكسر الهمزة. قال أبن الجوزي في تقويم اللسان: العامة تقول: كنا في ملاك فلان، الصواب إملاك، نقله الصلاح الصفدي، ويعبر عنه أيضاً بشُنْدُخي، مأخوذ من شندخ الفرس إذا تقدم. قال المحيوي النعيمي الشافعي: وهي مستحبة لقوله عليه الصلاة والسلام: " أعلنوا النكاح في المساجد وأضربوا عليه بالدف ". رواه الترمذي. والنكاح هو حقيقة في العقد على الصحيح. وأراد صلى الله عليه وسلم مخالفة الزنا، ولهذا قال:" واجعلوه في المساجد " زيادة للشهرة، وأكد ذلك بقوله:" وأضربوا عليه بالدف ". وروى محمد بن حاطب بالحاء المهملة قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: " فصل بين الحلال والحرام الدف ". صححه ابن حمان وجماعه، وحسّنه الترمذي، وألزم الدارقطني مسلماً إخراجه.
[حكم ضرب الدفوف على النكاح]
وفي هذين الحديثين دليل على إباحة ضرب الدف في العقد. قال البغوي في شرح السُنة: إن الملاك النكاح، وضرب الدف فيه مستحب. وتبعه الأذرعي وغيره. ثم قال: وينبغي أن يكون محل ندبه إذا ضرب النساء والجواري بالدفوف الخالية عن الصنوج ونحوها، من غير تأنق ولا تصنع، بل يكون ضرباً بالكف، كما يضرب الطبل ونحوه انتهى.
وهل يجوز في غيره من حادث سرور؟ كقدوم حجيج وغزاة وشفاء مريض وولادة ونحوها. فيه وجهان: أحدهما أنه حرام، قاله النووي في التقريب وغيره. والثاني أنه حلال. قال الإمام وتلميذه الغزالي: وسواء كان فيه جلاجل أو لم يكن فيه جلاجل على الأصح. هذا إذا تفرد الدف بغير شبابة. فإن اجتمعا حرم بالإجماع، كما قاله أبن الصلاح. فإن ضرب معه بالقضيب على الوسادة فهل يجوز؟ فيه وجهان: فإن حصل مع الدف غناء امرأة أجنبية كره، والاستماع أشد كراهة. وقيل يحرم. وأختاره الأذرعي. وقال النووي: إذا خيف الفتنة من السماع من امرأة أجنبية أو من صبي، حرم بلا خلاف.
وأما الرقص فليس بحرام، إلا أن يكون فيه تكسر وتثن كأفعال المخنثين، فيحرم على الرجال والنساء.
وقد جزم بعض العلماء بتحريم التصفيق على الرجال، لقوله صلى الله عليه وسلم:" إنما التصفيق للنساء ". وكلام الحليمي يقتضي تحريمه على الرجال، حيث قال: يكره للرجال، فإنه مما يختص به النساء، وقد منعوا من التشبه بهن، كما منعوا من لبس المزعفر لذلك. انتهى.
فائدة:
[الدف والمعلوق والمزهر في اللغة]
الدُّفَ بضم الدال وفتحها لغتان، وعلى الضم أقتصر النووي. قال أبن رستويه: هو مضموم في لغة الحجاز، ومفتوح في سائر اللغات. وفي شرح السُنة للبغوي: عن أبي عبيد أنه زعم بعض الناس أن الدُّف لغة يعني بالضم، فإما الحديث فالدَّف بالفتح لا اختلاف فيه. ثم المراد بالدف الدائر المفتوح شبه الغربال، وسمي في الحديث به. أما المعلوق فيسمى مِزْهَراً عند الفقهاء والمعروف في اللغة المزهر هو العود.
تنبيه:
[حكم نثر المكسرات]
يحل في هذه الوليمة نثر لوز وجوز وسكرلج ونحوها. قال الماوردي من الشافعية: أجمع عليه الأصحاب في العرس والختان، لما في سنن البيهقي: عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تزوج نثر تمراً. والنثر بالثاء المثلثة مصدر نثر: ألقاه. انتهى ولم يكره أبو حنيفة وأبن المنذر. وعن أحمد روايتان. وقال أبن سيرين: أدركت قوماً صالحين، إذا أتوا بالسكر وضعوه، وكرهوا النثار. وممن كرهه الإمام مالك. ويحل التقاطه، إلا إذا عرف أن النثار يؤثر بعضهم على بعض. ولا يقدح الالتقاط في تروية لأنه صلى الله عليه وسلم لما نحر البدنات قال:" من شاء أقتطع " رواه أبو داود. قال أبن المنذر: فأباح لهم الأخذ من لحومهن، فكذا إذا أباح لهم اللوز ونحوه، فلهم أخذه. وقال البيهقي: وليس في إباحته حديث صحيح، والذي في البخاري " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى النُّهْبَى ". وجميع ما ورد فيه الرخصة ضعيف، نحو قول معاذ:" أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر إملاك رجل من أصحابه، فجئ بأطباق عليها فاكهة وسكر " وفي رواية: " جوز ولوز وتمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انتبهوا. فقال يا رسول الله إنك نهيت عن النهبى. فقال: إنما نهيتكم عن نهبى العساكر، أما العرسان فلا، خذوا على اسم الله. فجاذبنا وجاذبناه ".