للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَائِلُونَ بِالْوُقُوعِ إِذَا اجْتَمَعَتْ فَالْمُخْتَارُ: كُلُّ وَاحِدَةٍ عِلَّةٌ.

وَقِيلَ: جُزْءٌ.

وَقِيلَ: الْعِلَّةُ وَاحِدَةٌ لا بِعَيْنِهَا.

يستند إِلى الظن في مسائل أُصُول الفقه، ثم إِنه ادَّعَى أن هذا الدَّليل قاطع؛ إِذ قال في مفتاح كلامه: والدليل القاطع فيه، كما رأيت.

ورابعها: تمثيله باختلاف الإِمامين في المُعْتقة تحت الرَّقيق، بناء على اختلافهم في العلة، كلام ضعيف؛ فإِن الأمر لا ينتهي مع أبي حَنِيفَةَ إِلى الترجيح؛ فإِنا نرى معناه فاسدًا، وكذلك رأيه في المعنى الذي نبديه نحن، فكل يعتقد بطلان علّة صاحبه، وكذلك كلّ مسألة يتنازع الناس في العلة فيها، يحتمل أن يكون ذلك لاعتقاد ضيق المحل عن الوفاء بالعلل على ما ذكره.

ويحتمل أن يكون لاعتقاد كلّ واحد من الفريقين ضعف معنى الآخر وبطلانه، وهذا الاحتمال أَرْجَح، وقد ضعف الإِمام مسلك التَّرْجيح في مسألة الرِّبَا بهذا الوجه كما عرفت، فلا يتحصّل من هذا شيء ينتفع به، إِلا أن يقع الاتفاق في مسائل على صحّة التعليل بمعانٍ لو انفردت لم يتّفق أهل الإِجماع على الامتناع من الجمع، ولن نجد إِلى ظن ذلك سبيلًا، فضلًا عن القطع به.

وخامسها: أن دعواه عدم وقوعه في الزمن الطويل - ممنوعة؛ فإِنَّ الخصم يبدى الصور التي عرفها، وكما يدعي الإِمام تعدُّد الأحكام فيها، يدّعي هو اتحاد الحكم، وحينئذٍ لا نسلم عدم الوقوع، فيحتاج الإِمام إِلى دليل غير هذا.

الشرح: وأما "القائلون بالوقوع إِذا اجتمعت، فالمختار: كلّ واحدة علَّة.

وقيل: جزء. وقيل: العلة واحدة لا بعينها" (١).

هذا كلام المصنّف، وهو صريح في أن الخلاف الذي قدمه في العلل من حيث هي، وهذا مخصوص بحالة الاجتماع، وإِلا ظهر - عندنا - أن الخلاف لا يطرق حالة التَّعاقب، بل يختص بحالة الاجتماع - كما قدمناه - ويلزم من شموله حَالَةَ التعاقب أن يكون في الأمّة من


(١) ينظر: نهاية السول ٤/ ٣١٣، وشرح الكوكب ٤٩٩، وتيسير التحرير ٤/ ٢٨، وفواتح الرحموت ٢/ ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>