للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التوبة: الآية ٨٠] " فقال : "لأزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينَ" (١)، وهو أفصح من نطق بالضاد "أن ما زاد بخلافه"، وذلك مفهوم عدد، ومفهوم الصفة أدل منه، فإِذا ثبت هذا فما ظنّك بمفهوم الصفة؟.

أو نقول: ومفهوم العدد مفهوم صفة، فإِذا ثبت الخاصّ ثبت العامّ، "والحديث صحيح" متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم، فلا يغرنك قول الغزالي: الأظهر أن هذا الخبر غير صحيح؛ فإِنه تلقّاه من إِمام الحرمين، والإِمام تلقَّاه من القاضي، ولو علموا أنه في الصحيحين لما قالوا ذلك على أن عبارة القاضي في "التقريب": هذا الخبر من أخبار الآحاد الذي لا نعلم ثبوتها فلا حجة فيه، يعني في المسائل الأصولية على عادته في تطلّب القواطع. وإِذا وضح هذا الدَّليل فنقول: لمفهوم العدد صورتان:

لأنه إِما أن يدّعي دلالته على الزائد، أو الناقص، وصورة ثالثة وهي دعوى دلالته عليهما، وهذا دَليل على الزائد، وسنذكر دليلًا على النَّاقص.


= أن ما عداه حكمه بخلافه كحديث "إِذَا بَلَغَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خبثًا" فإِن في العدد المذكور تنبيهًا على أن ما زاد عليه أولى بعدم حمل الخبث؛ لأن ما زاد على القلتين فيه القلتان وزيادة، وتعليق الحكم بالقلتين إِنما كان لمعنى الكثرة الدافعة للخبث، وإِذا كانت هذه الكثرة متحققة في القلتين كانت متحققة فيما زاد عليهما من باب أولى، فيكون الحكم في محل السكوت ثابتًا بمفهوم الموافقة الأولى، وهذا القيد الأخير، وإِن كان معلومًا ممَّا سبق إِلَّا أننا أوردناه هنا زيادة في الإِيضاح. ينظر: البحر المحيط للزركشي ٤/ ٣٧، والبرهان لإِمام الحرمين ١/ ٤٦٦، والتمهيد للأسنوي ٢٥٢، ونهاية السول له ٢/ ٢٢١، وغاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ٣٩، وحاشية البناني ١/ ٢٥١، والآيات البينات لابن قاسم العبادي ٢/ ٣٠، وحاشية العطار على جمع الجوامع ١/ ٣٢٨، وتيسير التحرير لأمير بادشاه ١/ ١٠٠.
(١) حين هم بالصلاة على عبد الله بن أُبي بن سلول زعيم المنافقين؛ فإِنه يدل على أنه فهم من قوله تعالى: ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ أن ما زاد على السبعين مخالف له في الحكم، وذلك مفهوم العدد، وإِذا كان فهم واحد من أهل اللسان حجة، فكيف بفهم رسول الله ؟ فَثَبَتَ بهذا مفهوم العدد، وهو المطلوب.
والحديث أخرجه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ١٣٨) من حديث ابن عباس، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ٢٢٤) وعزاه لابن مردويه عن عروة بمعنى حديث ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>