. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ووجه جريانهما أن يقال: لو لم يكن اللَّقب للحصر، لكان الاشتراك، واللازم باطل، ولو لم يفد الحصر لم يفد الاختصاص، ولكنه أفاد فأفاد. هكذا قرر الشَّارحون هذا الدليل وجوابه.
ولقائل أن يقول: إذا كان معنى الحَصْر الاختصاص، فكيف يحسن بذي نَظَرٍ أن يجعل اللازم هو الملزوم، وكيف يحسن قوله: "إن انتفاء اللازم معلوم" مع كونه والحالة هذه محل النزاع؟
وقول المصنّف: إنه مثل ما تقدم فيه نظر؛ فإنَّ اللازم هناك الاشتراك، وهنا عدم إفادة الاختصاص، ولو كان مثله لأغنى ذكر الأول عنه.
والوجه عندي أن يقال: المراد بـ "الاختصاص" تخصيص الوصف بالذّكر كالسَّائمة مثلًا، وبـ "الحصر" انتفاء الحكم عما عدا المنطوق.
وبين الاختصاص والحصر فَرْق سنذكره عند ختام المَفَاهيم إن شاء الله - تعالى - من كلام الحَبْرِ الذي لم يسمح الدهر منذ ثلاثمائة عام بنظيره فيما ندين الله به.
ثم تقرير الدليل أن يقال: لو لم يفد التقييد بالوصف الحصر، لم يفد الاختصاص شيئًا، و"الاختصاص" مرفوع، و"شيئًا" مفعول أفاد حذف اختصارًا لكنه مقيد قطعًا.
وألا يكون ذكره لغوًا، وإن أفاد شيئًا تعين أن يكون هو الحَصْر؛ إذ لو أفاد غيره لم يكن صورة المسألة؛ لأن صورتها ألَّا يكون هناك فائدة غير نفي الحكم.
ولو اختصر هذا الدليل لقيل: لا بد لتخصيص الوصف بالذكر من فائدة، وما عدا نفي الحكم منتفٍ بالغرض، فتعين أن يكون هو.
وأشار إلى أنه لا بد من فائدة بقوله: والثانية معلومة.
وإلى بيان الملازمة بقوله: لأنه بمعناه أي: لأن الاختصاص بالذكر بمعنى الحصر في هذا المقام، وكما دلَّ الحصر على الانتفاء ينبغي أن يدلّ الاختصاص بالذكر.
فإن قلت: فما وجه كونه بمعناه؟
قلت: إنه لا فائدة إلَّا نفي الحكم، ولا بد من فائدة، فتعين أن يكون التخصيص لنفي الحكم كما أنه لا فائدة في الحصر إلا نفي الحكم.