قوله: ومن رمى البيت، معناه أن من قذف جماعة كفى في حده حد واحد، سواء قذفهم في كلمة واحدة، أو متفرقين، أو قذف بعضا ونفى نسب بعض، قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: ويدخل تحت قوله سبحانه وتعالى: (المحصنات) الرجال والنساء، لأنه لما كانت لا تزني امرأة إلا برجل اكتفى الله عز وجل بذكر المحصنات عن المحصنين، وهو أمر متفق عليه، إلى أن قال: وهذا المعنى يدل على أن قاذف الجماعة يحد حدا واحدا، لأن قاذف المحصنة قاذف للذي زنى بها، ولم يوجب الله سبحانه وتعالى عليه إلا حدا واحدا، مع قوله أيضا:(والذين يرمون المحصنات) وهن جماعة.
١٧٨٠ - وهكذا من لزنى قد كررا ... أو شُربٍ، أو قَذَف ثم سَكِرا
١٧٨١ - كما عن الحدود قتلٌ قد كفى ... إلا بحق من لشخص قذفا
١٧٨٢ - وشارب المسكر لو لم يسكر ... لقلة يُجلد جلد المفتري
١٧٨٣ - وجردنْ من كل ثوب الذكر ... في الحد غير ما لعورة ستر
١٧٨٤ - وجردنْ من واقٍ الضربَ النسا ... ويجلد المحدود كلا جالسا
قوله: وهكذا من لزنى البيت، معناه أن من كرر الزنى، أو الشرب، أو القذف لواحد، أو جماعة، كفى حده مرة واحدة، وقد حكوا في هذا الإجماع، وذلك لقاعدة أن السبب إذا تكرر واتحد موجَبه كفى فيه مسبب واحد، وهذا إذا كان التكرر قبل فعل المسبب، فإن تخلل المسبب الأسباب تعدد قطعا، وقد وهم في هذا بعض، فأجرى عليه تكرر حكاية الأذان، والصواب أن السقوط للحرج، واختلف في من قذف وشرب، والمشهور كفاية حد واحد، واختلف في من زنى وقذف، والمشهور أن يقام عليه الحدان معا، وهو قول مالك وابن القاسم - رحمهما الله تعالى - كما في التبصرة، وقال عبد الملك: يحد مائة للزنى ويدخل الشرب والفريةفي ذلك، نقله في التبصرة.