قال ابن عرفة: والعفاف قال ابن شاس: قال الأستاذ أبو بكر: أن لا يكون معروفا بالقيان ومواضع الفساد والزنى، قال ابن عرفة: وظواهر نصوص المذهب خلافه.
ثم قال - رضي الله تعالى عنه -: مسائل المدونة وغيرها واضحة بأنه السلامة من فعل الزنى قبل قذفه وبعده، ومن ثبوت حده لاستلزامه إياه.
واختلف إذا علم المقذوف من نفسه ما قذف به، فأجاز له مالك - رحمه الله تعالى - القيام به، وقال محمد بن عبد الحكم: لا يجوز له، وقال ابن القاسم في سماع أبي زيد: واستحسنه بعض الشيوخ لقوله سبحانه وتعالى: (والذين يرمون المحصنات) وهذا ليس بمحصن.
قوله: والقاذف الحر البيت، معناه أن القاذف إذا كان حرا يجلد ثمانين جلدة للآية الكريمة، والحرية شرط في الثمانين لا في الحد، فالقاذف لا يشترط في حده إلا البلوغ والعقل، فيحد الكافر، والعبد، والمرأة، والرجل، لقوله سبحانه وتعالى:(والذين يرمون) فعم ذلك كله، وخرج الصبي والمجنون بما تقرر من رفع القلم عنهما.
قوله والعبد نصفها، معناه أن الرقيق يجلد أربعين جلدة فقط، لما تقدم في حد الزنى، وقد روى مالك - رحمه الله تعالى - في الموطإ أن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنهما - والخلفاء هلم جرا فما رأيت أحدا جلد عبدا في فرية أكثر من أربعين.
قوله: وقذف العبد البيت، معناه أنه لا حد على قاذف الرقيق أو الكافر، لأن حد القذف إنما ذكر في المحصنات خاصة، قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: والإحصان الذي يوجب الحد في القذف هو الإحصان بالحرية والإسلام الذي يوجب جلد مائة في الزنى.
قوله: وهكذا الصبي، معناه أنه لا حد على قاذف الصبي لعدم لحوق المعرة، بخلاف الصبية إذا كانت مطيقة، فلها حكم الكبيرة لاستوائها معها في المعرة التي هي السبب، وإلى ذلك أشار ببقية البيت.