قوله: وحدها إلى قوله: إذا يكون حرا، معناه أن حد الحرابة أربعة أمور: القتل، أو الصلب والقطع من خلاف، بأن تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى، والنفي إذا كان حرا ذكرا إلى بلد أقل بعده مسافة القصر، ويسجن فيه حتى تظهر توبته وإنابته، وإن طال حبسه، وروى مطرف أن المراد بالنفي السجن، فيضرب ويسجن في البلد، وعليه فالحد به جار في النساء المحاربات والأرقاء، ومعنى ذلك أن يجتهد السلطان في حد المحارب بواحد من هذه الوجوه، بحسب ما ارتكب من الفساد، وطول زمان حرابته وقصره، وشدة مكره، وعظم بأسه، وخبث تدبيره ورأيه، فيجتهد في ما يرتفع به ضرره، وينزجر به من تسول له نفسه مثل فساده، ويستشير في ذلك أهل العلم والرأي.
وهذا ما لم يقتل أحدا، فإن قتل تعين قتله، قال اللخمي: لم يختلف فيه قول مالك - رحمه الله تعالى - سواء كان القتيل مسلما أو كافرا، حرا أو عبدا، ذكرا أو أنثى، صغيرا أو كبيرا، وإن لم يقتل ولكن أخذ المال كان التخيير في قتله، أو صلبه، أو قطعه من خلاف، ولا يقتصر فيه على النفي، واختلف في معنى الصلب، فقال أشهب المراد به أن يقتل ثم يصلب، وقال ابن القاسم: المراد أن يصلب حيا ويقتل على الخشبة، وهو المعول، واختلف على هذا في الصلاة عليه، فقال أصبغ: لا بأس أن يخلى أهله ينزلونه ويصلى عليه ويدفن، وقال سحنون: إذا قتل وصلب أنزل من ساعته ودفع لأهله للصلاة عليه ودفنه، وقال أيضا: إن رأى الإمام أن يبقيه اليومين والثلاثة لما رأى من تشديد أهل الفساد فذلك له، ولكن ينزله فيغسله أهله ويكفن ويصلى عليه، ثم إن رأى إعادته إلى الخشبة أعاده، وقال ابن الماجشون: لا يمكن أهله من إنزاله، ويبقى حتى يفنى على الخشبة، أو تأكله الكلاب، نقله ابن عرفة.