للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال القاضي عبد الوهاب: ودليلنا على لزومه قوله سبحانه وتعالى: (لا تدري لعل يحدث بعد ذلك أمرا) يعني الندم الذي يمكن تلافيه بالرجعة، فأمرنا أن نطلق ما نملك معه الرجعة، لئلا يلحقنا ندم عليه، فلا يكون لنا سبيل إلى تلافيه، فلو لا أنه يقع إذا أوقعناه على هذا الوجه وإلا لم يكن لهذا القول معنى، لأن ما يحدث يمكن تلافيه بالرجعة على قول من يقول يقع واحدة، أو لا يؤثر على قول من يقول لا يقع جملة.

ثم ذكر أحاديث في ذلك المعنى.

قوله: وإنما المباح البيتين، معناه أن الطلاق السني هو أن يطلقها في طهر لم يمسها فيه، لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم في حديث ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما -: " ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر الله سبحانه وتعالى أن تطلق النساء لها " (١) ويشترط فيه أن يكون طلاقا واحدا لا أكثر، وأن لا يردف عليه طلاقا حتى تتم العدة، قال القاضي في الإشراف: فدليلنا قوله سبحانه وتعالى: (فطلقوهن لعدتهن) وذلك يوجب أن يطلق طلاقا يوجب عدة في حال تعتد منه، وهذا الطلاق الثاني والثالث لا يوجب عدة فكان موقعا على خلاف المأمور به.

وقال القاضي أبو الوليد في المقدمات: والصواب ما ذهب إليه مالك - رحمه الله تعالى -وهو الصحيح عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - أن طلاق السنة أن يطلق طلقة واحدة في أول الطهر إلى انقضاء العدة.

قوله: وجاز الارتجاع ما لم تخرج عدتها، معناه أن المطلقة طلاقا رجعيا يجوز لزوجها أن يرتجعها شاءت أو أبت، لقوله سبحانه وتعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) إلى قوله سبحانه وتعالى: (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا) ولقوله سبحانه وتعالى: (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) والمراد ببلوغ الأجل مقاربته لا بلوغه بالفعل إجماعا.


(١) متفق عليه.

<<  <   >  >>