للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتصدق الطارئة من بعيد إذا ادعت التزويج لتعذر الإثبات عليها، وتصدق الحاضرة المأمونة إذا ادعته بعد طول من الزمن، واختلف في غير المأمونة مع تطاول الزمن.

وقوله في البيت الثاني: بالملك، معناه أن المبتوتة لا تحل لمن بتها بالتسري، لقوله سبحانه وتعالى: (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) فقد اقتضى إناطة الإباحة بالنكاح خاصة على ظاهر اللفظ، ولا تحل المبتوتة أيضا بتسري سيدها بها، على ظاهر الآية الكريمة.

قوله: وحيث طلق ثلاثا البيت، معناه أنه إذا طلق زوجته ثلاثا في لفظ واحد وقع ذلك وإن كان بدعة، قال القاضي أبو محمد في الإشراف: ودليلنا على أنه بدعة قوله سبحانه وتعالى: (فطلقوهن لعدتهن) الآية، فأمر بالطلاق للعدة وقرنه بما دل على أن المراد به الطلاق الرجعي، لقوله سبحانه وتعالى: (لا تدري لعل يحدث بعد ذلك أمرا) أي: ندما فيكون للمطلق طريق إلى تلافيه بالارتجاع، ثم وصفه بما يقتضي الإثم وهو قوله سبحانه وتعالى: (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) فدل على ما قلناه، وحديث الحسن عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهم - أنه قال: يا رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - أرأيت لو أطلقها ثلاثا؟

قال: " إذا بانت منك وعصيت ربك " وحديث محمود بن لبيد الأنصاري قال: أخبر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جمعا، فقام غضبانا وقال: " تلاعب بكتاب الله تعالى وأنا بين أظهركم " (١) وهذا كالنص.

وجاء أن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - كان إذا سئل عن ذلك قال لأحدهم: أما إن طلقت امرأتك مرة أو مرتين فإن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - أمرني بهذا، وإن كنت طلقت ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك، وعصيت الله عز وجل في ما أمرك به من طلاق امرأتك (٢).


(١) رواه الترمذي بلفظ " أيلعب " وهو حديث ضعيف.
(٢) متفق عليه.

<<  <   >  >>