للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقلبه فهو مفضل لعلي لكونه أحبه محبة دينية زائدة على محبة أبي بكر، وهذا لا يجوز، وإن كانت المحبة المذكورة محبة دنيوية لكونه من ذرية علي أو لغير ذلك من المعاني فلا امتناع فيه" (١).

ويقول الشيخ علي القاري: "ثم لا يلزم من أكثرية المحبة تحقق الأفضلية؛ إذ محبة الأولاد وبعض الأقارب أمر جبلي مع العلم القطعي بأن غيرهم قد يوجد أفضل منهم، وأما بالنسبة إلى الأجانب فالأفضلية توجب زيادة المحبة، وبهذا يندفع الإشكال والله أعلم بالأحوال" (٢).

الحادي عشر: إن من لوازم محبة الله أو المحبة فيه أو له بغض ما أبغضه الله تعالى، من الأقوال، والأعمال، والأشخاص، وغير ذلك، فلا تستقيم هذه المحبة الدينية الإيمانية إلا بوجود هذا البغض لكل ما يُبْغِضُهُ الرب تعالى، والعداوة لأعداء الله تعالى، وأعداء رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ودينه، وعباده المؤمنين، فلا يجتمع في قلب المؤمن إيمان كامل بالله تعالى وحب أعدائه وأعداء رسله ودينه.

يقول الإمام ابن تيمية: "وفي الإنسان قوتان: قوة الحب، وقوة البغض، وإنما خَلَقَ ذلك فيه ليحب الحق الذي يحبه الله، ويُبْغِض الباطل الذي يبغضه الله، وهؤلاء هم الذين يحبهم الله ويحبونه" (٣).

ويقول -رحمه الله-: "فهذا هو الأصل الذي يجب على كل أحد أن يعتصم به، فلا بد أن يكون مريدًا محبًا لما أمره الله بإرادته ومحبته، كارهًا مبغضًا لما أمره الله بكراهته وبغضه، والناس في هذا الباب أربعة أنواع:


(١) ذكر من تكلم فيه وهو موثوق للذهبي (١٩٠)، وانظر: الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة (١/ ١٨٧)، وذكر هذه الفتوى بلفظها أحمد بن محمد الحموي -رحمه الله- مقررًا لها ومتعقبًا لقول ابن نجيم. [انظر: غمز عيون البصائر لابن نجيم الحنفي (٢/ ١٩٧)].
(٢) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (١١/ ٣٠٩).
(٣) قاعدة في المحبة (ص ١٣٦).