أكملهم الذين يحبون ما أحبه الله ورسوله، ويبغضون ما أبغضه الله ورسوله، فيريدون ما أمرهم الله ورسوله بإرادته، ويكرهون ما أمرهم الله ورسوله بكراهته، وليس عندهم حب ولا بغض لغير ذلك، فيأمرون بما أمر الله به ورسوله ولا يأمرون بغير ذلك، وينهون عما نهى الله عنه ورسوله ولا ينهون عن غير ذلك، وهذه حال الخليلين أفضل البرية محمد وإبراهيم -صلى الله عليهما وسلم-" (١).
الثاني عشر: القاعدة عند أهل السُّنَّة والجماعة أن الشخص الواحد يجتمع فيه الكفر والإيمان، والسُّنَّة والبدعة، والطاعة والمعصية، والبر والفجور، فيُحَب على قدر ما فيه من طاعة ومحبة لله وقرب منه، ويبغض على قدر ما فيه من بعد عن الله واقتراف للذنوب وارتكاب للمعاصي.
فمن ثبت إيمانه وكثرت طاعته وعبادته وجب له من المحبة والموالاة بقدر ما فيه من الإيمان وإن ظلمك واعتدى عليك في نفسك أو مالك أو عرضك، كما أنه يعادى ويبغض بقدر ما فيه من المعاصي والذنوب، ومن الظلم والجور وإن كان محسنًا إليك، مثنيًا عليك، وهذا هو مقتضى العدل الإلهي الذي أمر الله به، فالسارق الفقير تقطع يده ويعطى من زكاة المسلمين.
يقول الإمام ابن تيمية مقررًا لهذا الأصل العظيم: "فليتدبر المؤمن الفرق بين هذين النوعين، فما أكثر ما يلتبس أحدهما بالَاخر وليعلم أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك؛ فإن الله سبحانه بعث الرسل، وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله، فيكون الحب لأوليائه، والبغض لأعدائه، والإكرام لأوليائه، والإهانة لأعدائه، والثواب لأوليائه، والعقاب لأعدائه.
وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر، وفجور وطاعة ومعصية،