للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - نبي الرحمة، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (١)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أنا محمد وأحمد والمقفي والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة" (٢).

أما المسلمون فهم رحماء، والرحمة خلق من أخلاق المسلم؛ إذ منشأ الرحمة صفاء النفس وطهارة الروح، والمسلم بإتيانه الخير وعمله الصالح وابتعاده عن الشر واجتنابه المفاسد هو دائماً في طهارة نفس وطيب روح، ومن كان هذا حاله فإن الرحمة لا تفارق قلبه، ولهذا كان المسلم يحب الرحمة ويبذلها ويوصي بها ويدعو إليها، مصداقاً لقوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} (٣) (٤).

والداعي رحيم بدعوته؛ لأنه يعمل ليخرج الناس من طريق الهلاك إلى طريق النجاة، فمن شفقته عليهم يدعوهم للإسلام، ولأن الدعوة من مهام الرسل فكان من واجب الدعاة أن يتمثلوا بأخلاقهم والتي منها "الرحمة"، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرحم الله من لا يرحم الناس" (٥).

والرحمة في الدعوة تكسر الحدة لدى المدعو، والغلظة والجفوة، وتكسبه السكينة والمودة تجاه الداعي، وفضل الرحمة عظيم ومنزلتها من الدعوة كبيرة،


(١) سورة الأنبياء، الآية: ١٠٧.
(٢) صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب في أسمائه - صلى الله عليه وسلم -، رقم ٦١٠٨، ص ١٠٣٥.
(٣) سورة البلد، الآيتان: ١٧ - ١٨.
(٤) انظر: منهاج المسلم، أبو بكر جابر الجزائري، ص ١١٣.
(٥) صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب قوله: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}، رقم ٧٣٧٦، ص ١٢٦٩.

<<  <   >  >>