قصة إرسال خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب في نجران وكتابه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيان على أن من ضوابط الدعوة هو الزاد الذي تزود به الصحابة من علم ليتموا دعوة الله، يذكر ابن هشام في السيرة أن خالد بن الوليد كتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتاباً يقول فيه:"من خالد بن الوليد: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: يا رسول الله صلى الله عليك، فإنك بعثتني إلى بني الحارث بن كعب وأمرتني إذا أتيتهم ألا أقاتلهم ثلاثة أيام وأن أدعوهم إلى الإسلام فإن أسلموا أقمت فيهم وقبلت منهم وعلمتهم معالم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه، وإن لم يسلموا قاتلتهم، وإني قدمت عليهم فدعوتهم إلى الإسلام ثلاثة أيام كما أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعثت فيهم ركباناً قالوا: يا بني الحارث، أسلموا تسلموا، فأسلموا ولم يقاتلوا، وأنا مقيم بين أظهرهم آمرهم بما أمرهم الله به وأنهاهم عما نهاهم الله عنه، وأعلمهم معالم الإسلام وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يكتب إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته"(١).
فهنا كان خالد بن الوليد - رضي الله عنه - يعلمهم بعلمه لقوله: "آمرهم بما أمرهم الله وأنهاهم عما نهاهم الله عنه، وأعلمهم معالم الإسلام وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - (، فكان ذلك هو الضابط والمقياس للدعوة لدى الصحابة. وكان العلم هو العين التي ينظر من خلالها الصحابة والمعين الذي ينهلون منه في دعوتهم، فلا يقولون في الإسلام إلا بما علموا وعرفوا، فكان حصناً لهم من الانحراف والميل عن الحق.