حرف وَاحِد بل كل لِسَان تبع لِلِسَانِهِ وكل أهل دين قبله فَعَلَيْهِم اتِّبَاع دينه
وَقد بَين الله تَعَالَى ذَلِك فِي غير آيَة من كِتَابه قَالَ الله عز ذكره {وَإنَّهُ لتنزيل رب الْعَالمين نزل بِهِ الرّوح الْأمين على قَلْبك لتَكون من الْمُنْذرين بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين} وَقَالَ {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حكما عَرَبيا} وَقَالَ {وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيْك قُرْآنًا عَرَبيا لتنذر أم الْقرى وَمن حولهَا} وَقَالَ تَعَالَى {حم وَالْكتاب الْمُبين إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا لَعَلَّكُمْ تعقلون}
ثمَّ قَالَ فعلى كل مُسلم أَن يتَعَلَّم من لِسَان الْعَرَب مَا بلغه جهده حَتَّى يشْهد بِهِ أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَيَتْلُو بِهِ كتاب الله تَعَالَى وينطق بِالذكر فِيمَا افْترض عَلَيْهِ من التَّكْبِير وَأمر بِهِ من التَّسْبِيح وَالتَّشَهُّد وَغير ذَلِك وَمَا ازْدَادَ من الْعلم بِاللِّسَانِ الَّذِي جعله الله لِسَان من ختم بِهِ نبوته وَأنزل بِهِ آخر كتبه كَانَ خيرا لَهُ كَمَا عَلَيْهِ أَن يتَعَلَّم الصَّلَاة وَالذكر فِيهَا وَيَأْتِي الْبَيْت وَمَا أَمر بإتيانه وَيتَوَجَّهُ لما وَجه لَهُ وَيكون تبعا فِيمَا افْترض عَلَيْهِ لَا متبوعا
الْأَمر الثَّانِي أَن استدلالهم بِمَا ذكر غير ظَاهر وَذَلِكَ أَنهم إِن أَرَادوا أَن الحَدِيث حَيْثُ جَازَ إِبْدَال أَلْفَاظه بِأَلْفَاظ أُخْرَى من اللُّغَة الأعجمية على طَرِيق التَّرْجَمَة يكون إِبْدَال أَلْفَاظه بِأَلْفَاظ أُخْرَى من اللُّغَة الْعَرَبيَّة على طَرِيق الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى أولى بِالْجَوَازِ ورد عَلَيْهِم الْقُرْآن فَإِنَّهُم أَجَازُوا إِبْدَال أَلْفَاظه بِأَلْفَاظ أُخْرَى من اللُّغَة الأعجمية على طَرِيق التَّرْجَمَة وَلم يجز أحد إِبْدَال أَلْفَاظه بِأَلْفَاظ أُخْرَى من اللُّغَة الْعَرَبيَّة على طَرِيق الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى
وَلَهُم أَن يَقُولُوا إِن بَينهمَا فرقا من وَجْهَيْن
أَحدهمَا أَن الْقُرْآن معجز والإعجاز فِيهِ يتَعَلَّق بِاللَّفْظِ وَالْمعْنَى فَإِذا أُجِيز إِبْدَال أَلْفَاظه بِأَلْفَاظ أُخْرَى من اللُّغَة الْعَرَبيَّة على طَرِيق الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى وَقع إخلال بِأَمْر الإعجاز من وَجه مَعَ حُصُول الالتباس على كثير من النَّاس مَعَ عدم الِاضْطِرَار إِلَى ذَلِك