للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الْخَطِيب وَالصَّحَابَة أَرْبَاب اللِّسَان وَأعلم الْخلق بمعاني الْكَلَام وَلم يَكُونُوا يَقُولُونَ ذَلِك إِلَّا تخوفا من الزلل لمعرفتهم بِمَا فِي الرِّوَايَة على الْمَعْنى من الْخطر

وَأما استدلالهم بِالْإِجْمَاع على جَوَاز شرح الشَّرِيعَة للعجم بلسانهم للعارف بِهِ وَأَنه إِذا جَازَ ذَلِك بلغَة أُخْرَى فجوازه بِالْعَرَبِيَّةِ أولى فَفِيهِ أَمْرَانِ

الْأَمر الأول أَن ذَلِك إِنَّمَا أُجِيز للضَّرُورَة وَهُوَ شرح الشَّرْع لمن لَا يحسن الْعَرَبيَّة بِلِسَانِهِ الَّذِي يُحسنهُ لَا سِيمَا إِن كَانَ مِمَّن دخل فِي الدّين حَدِيثا وَلم يكن لَهُ إِلْمَام بِالْعَرَبِيَّةِ فَإِنَّهُ يعرف الدّين أَولا بلغته ثمَّ يُؤمر بِأَن يتَعَلَّم من الْعَرَبيَّة مَا يعرف بِهِ مَا يلْزمه من أَمر الدّين رَأْسا من غير احْتِيَاج إِلَى تَرْجَمَة وَذَلِكَ تَقْدِيمًا للأهم على المهم

قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي فِي الرسَالَة فِي أصُول الْفِقْه فَإِن قَالَ قَائِل مَا الْحجَّة فِي أَن كتاب الله مَحْض بِلِسَان الْعَرَب لَا يخالطه فِيهِ غَيره فالحجة فِيهِ كتاب الله قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه ليبين لَهُم}

فَإِن قَالَ قَائِل فَإِن الرُّسُل قبل مُحَمَّد ص = كَانُوا يرسلون إِلَى قَومهمْ خَاصَّة وَإِن مُحَمَّدًا ص = بعث إِلَى النَّاس كَافَّة

فقد يحْتَمل أَن يكون بعث بِلِسَان قومه خَاصَّة وَيكون على النَّاس كَافَّة أَن يتعلموا لِسَانه أَو مَا أطاقوه مِنْهُ وَيحْتَمل أَن يكون بعث بألسنتهم

فَإِن قَالَ قَائِل فَهَل من دَلِيل على أَنه بعث بِلِسَان قومه خَاصَّة دون أَلْسِنَة الْعَجم قَالَ الشَّافِعِي فالدلالة على ذَلِك بَيِّنَة فِي كتاب الله عز وَجل فِي غير مَوضِع فَإِذا كَانَت الْأَلْسِنَة مُخْتَلفَة بِمَا لَا يفهمهُ بَعضهم عَن بعض فَلَا بُد أَن يكون بَعضهم تبعا لبَعض وَأَن يكون الْفضل فِي اللِّسَان المتبع على التَّابِع

وَأولى النَّاس بِالْفَضْلِ فِي اللِّسَان من لِسَانه لِسَان النَّبِي ص = وَلَا يجوز وَالله تَعَالَى أعلم أَن يكون أهل لِسَانه أتباعا لأهل لِسَان غير لِسَانه فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>