للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِن أشكل شَيْء مِنْهُ على من يعرف الْعَرَبيَّة أزيل إشكاله بطرِيق التَّفْسِير أَو التَّأْوِيل بِخِلَاف إِبْدَال أَلْفَاظه بِأَلْفَاظ أُخْرَى من اللُّغَة الأعجمية على طَرِيق التَّرْجَمَة لمن لَا يحسن الْعَرَبيَّة فَإِنَّهُ مَعَ الِاضْطِرَار إِلَى ذَلِك لَيْسَ فِيهِ مَا ذكر من الالتباس

وَأما الحَدِيث فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِك فَلَا مَحْذُور فِي إِبْدَال أَلْفَاظه بِأَلْفَاظ أُخْرَى سَوَاء كَانَت من اللُّغَة الْعَرَبيَّة أَو الأعجمية

الثَّانِي أَن الْقُرْآن متواتر مَشْهُور عِنْد الْأمة بِحَيْثُ لَا يخفى أمره على أحد مِنْهُم فَلَا دَاعِي لروايته بِالْمَعْنَى لِأَنَّهَا إِنَّمَا أجيزت للضَّرُورَة وَإِن أطلق الْإِجَازَة أنَاس لم يمعنوا النّظر فِي الْمَسْأَلَة وَلَا ضَرُورَة تلجئ إِلَى ذَلِك فِي الْقُرْآن

وَأما الحَدِيث فكثير مِنْهُ من قبيل أَخْبَار الْآحَاد الَّتِي يخْتَص بمعرفتها فَرد أَو بضع أَفْرَاد فَإِذا منع من لَا يستحضر اللَّفْظ من رِوَايَته بِالْمَعْنَى رُبمَا ضَاعَ كثير من الْأَحْكَام المهمة الَّتِي وَردت فِيهِ فسوغ الْجُمْهُور ذَلِك إِلَّا أَنه يُقَال إِن كثيرا مِمَّن منع الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى كَأَهل الظَّاهِر قد جروا على طَريقَة قويمة لَا يضيع فِيهَا شَيْء من الْأَحْكَام وَقد سبق ذكرهَا فِي مقَالَة ابْن حزم

وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فِي الْخُلَاصَة فِي أصُول الحَدِيث قَالَ فِي شرح السّنة

ذهب قوم إِلَى اتِّبَاع لفظ الحَدِيث مِنْهُم ابْن عمر وَهُوَ قَول الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَابْن سِيرِين ورجاء بن حَيْوَة وَمَالك بن أنس وَابْن عُيَيْنَة وَعبد الْوَارِث وَيزِيد بن زُرَيْع ووهب وَبِه قَالَ أَحْمد وَيحيى

وَذهب جمَاعَة إِلَى الرُّخْصَة فِي نَقله بِالْمَعْنَى مِنْهُم الْحسن وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ

قَالَ ابْن سِيرِين كنت أسمع الحَدِيث من عشرَة اللَّفْظ مُخْتَلف وَالْمعْنَى وَاحِد

وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ إِن قلت إِنِّي أحدثكُم كَمَا سَمِعت فَلَا تصدقوني فَإِنَّمَا هُوَ الْمَعْنى

وَقَالَ وَكِيع إِن لم يكن الْمَعْنى وَاسِعًا فقد هلك النَّاس

<<  <  ج: ص:  >  >>