للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْوَفَيَاتِ، لَا يَقْتَصِرُ فِي التَّخْرِيجِ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَى قَبُولِهِمْ.

بَلْ (يُخْرِجُ) حَدِيثَ (مَنْ لَمْ يُجْمِعُوا) أَيْ: أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ (عَلَيْهِ تَرْكًا) أَيْ: عَلَى تَرْكِهِ، حَتَّى إِنَّهُ يُخَرِّجُ لِلْمَجْهُولِينَ حَالًا وَعَيْنًا ; لِلِاخْتِلَافِ فِيهِمْ - كَمَا سَيَأْتِي - وَهُوَ كَمَا زَادَهُ النَّاظِمُ، (مَذْهَبٌ مُتَّسِعُ) يَعْنِي: إِنْ لَمْ يَرِدْ إِجْمَاعٌ خَاصٌّ، كَمَا قَرَّرُهُ شَيْخُنَا ; حَيْثُ قَالَ: إِنَّ كُلَّ طَبَقَةٍ مِنْ نُقَّادِ الرِّجَالِ لَا تَخْلُو مِنْ مُتَشَدِّدٍ وَمُتَوَسِّطٍ ; فَمِنَ الْأُولَى شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ أَشَدُّهُمَا.

وَمِنَ الثَّانِيَةِ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى أَشَدُّهُمَا، وَمِنَ الثَّالِثَةِ ابْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ أَشَدُّهُمَا، وَمِنَ الرَّابِعَةِ أَبُو حَاتِمٍ وَالْبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ أَشَدُّهُمَا.

فَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَا يُتْرَكُ الرَّجُلُ عِنْدِي حَتَّى يَجْتَمِعَ الْجَمِيعُ عَلَى تَرْكِهِ، فَأَمَّا إِذَا وَثَّقَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَضَعَّفَهُ الْقَطَّانُ مَثَلًا، فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ ; لِمَا عُرِفَ مِنْ تَشْدِيدِ يَحْيَى وَمَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي النَّقْدِ.

وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ ابْنِ مَنْدَهْ: " وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ يَأْخُذُ مَأْخَذَ النَّسَائِيِّ " يَعْنِي فِي عَدَمِ التَّقَيُّدِ بِالثِّقَةِ، وَالتَّخْرِيجِ لِمَنْ ضُعِّفَ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنِ اخْتَلَفَ صَنِيعُهُمَا.

وَقَوْلُ الْمُنْذِرِيِّ فِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ لَهُ حِكَايَةً عَنِ ابْنِ مَنْدَهْ: إِنَّ شَرْطَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ إِخْرَاجُ حَدِيثِ قَوْمٍ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى تَرْكِهِمْ، إِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ بِاتِّصَالِ الْإِسْنَادِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ وَلَا إِرْسَالٍ - مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا، وَإِلَّا فَكَمْ مِنْ رَجُلٍ أَخْرَجَ لَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، تَجَنَّبَ النَّسَائِيُّ إِخْرَاجَ حَدِيثِهِ، بَلْ تَجَنَّبَ النَّسَائِيُّ إِخْرَاجَ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنْ رِجَالِ الشَّيْخَيْنِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: إِنَّ شَرْطَهُ فِي الرِّجَالِ أَشَدُّ مِنْ شَرْطِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>