للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والدليل الواضح مع أصحاب القول الأول، وهو أن الله لم يقل: فشهر من أيام أخر، بل قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (١). والله أعلم.

المسألة الثالثة:

قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:١٨٥]، قال ابن عقيل: (دلالة على أن اليسر هو تأخير الأداء لأجل المرض) (٢). وما ذكره ابن عقيل مثال للمراد، والأولى حمل دلالتها على العموم في أمور الدين.

قال القرطبي: (والوجه عموم اللفظ في جميع أمور الدين كما قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:٧٨]) (٣)، فهذا المقطع من الآية دليل على أن المأمور به فيما سبق لا يراد به إلا اليسر، ومن ذلك جواز تأخير الصوم للمريض والمسافر وأهل الأعذار، ومن ذلك أن من صام وقد رخص له بالفطر لا يلزمه القضاء على القول الصحيح، ولذا قال الطبري: (قول الله جل ثناؤه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:١٨٥]، فلا عسر أعظم من أن يُلزم من صامه في سفره عِدَّة من أيام أُخَر، وقد تكلف أداء فرضه في أثقل الحالين عليه حتى قضاه وأداه) (٤). والله أعلم.

قال تعالى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤)} [البقرة: ١٨٤].


(١) ينظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ٢٦٧.
(٢) الواضح ٣/ ٧٦.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٢/ ٢٠١.
(٤) جامع البيان ٣/ ٢١٤.

<<  <   >  >>