للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلله مُزْجِي المطايا إذا ... قطعت الفيافي وَجِيفاً ووَخْدَا

إذا جئت جِلِّقَ وادي المُنى ... بها فاز من حَلَّ ضيْفاً ووَفْدَا

فسلِّم بُعَيد اسْتلام اليمينِ ... على من تسامَى مَقاماً وجْدَا

وقوله من أخرى، أولها:

هل عند ذاك الحبيبِ ما عندي ... من الهوى والحنين والوُدِّ

وهل على العهدِ من وثِقتُ به ... كما عهِدْنا بذلك العهدِ

وهل درَى ما أصاب مُغرَمَه ... وما لقِي من وقائعِ البُعْدِ

عدِمتُ صبْري والشوقُ لازمني ... لزومَ خالِ المليحِ في الخَدِّ

وروضةٍ قد حرستُها زمناً ... يا هل ترى كيف غصنُها بعدِي

ونَضْرةُ الورد بعدنا بقيتْ ... أم لا بقاءَ لدولةِ الوردِ

بِتْنا ولا ثالثٌ يراقبنا ... غيرَ ابنةِ الشُّهْد وابنةَ الرَّنْدِ

كصَعْدةٍ للظلام طاعنةٍ ... سِنانُها كوكبٌ لنا يَهْدِي

ومِن نعيمي بحُسن طلعتِه ... ظننتُ أني بجنَّةِ الخُلْدِ

ثمِلتُ من دُرِّ لفْظِه وحَلاَ ... لمَسْمعي كالسُّلاف والشُّهْدِ

إن قلْتُ مولايَ قال مبتسِماً ... لبَّيْك ماذا تُريد يا عَبْدِي

أشكو سهامَ الجفونِ لي قصَدتْ ... وكدتُ أقْضي بقولِ ذا قَصْدِي

كأن بالسحرِ خمرةً مُزِجتْ ... سُقِيتُ منها فغبتُ عن رُشْدِي

ما كان إلا كبارقٍ ومضَى ... صَفْوِي وجاء النهارُ بالضِّدِّ

فراع قلبي الصباحُ صارمُه ... ياليْته كان دام في الغِمْدِ

والدهرُ إن راق للأديب فعَن ... سَهْوٍ وجَلْبُ الهموم عن عَمْدِ

وقوله من أخرى، مطلعها:

لَعمرُك شرحُ أشواقي يطولُ ... وأشْجاني وأفكارِي تجُولُ

وعن صبرِي الجميلِ سألتُ قلبي ... فقال وأين يا هذا الجميلُ

وها أنا بعده مالي مُقامٌ ... وليس إلى تَلاقينا سبيلُ

وبي ظمَأٌ إلى وِرْدِ التَّلاقي ... ومن جَفْني دَماً دَمْعي يسيلُ

سُقِي زمنُ التَّداني حيث كُنَّا ... ولا كان الرَّقيبُ ولا العَذُولُ

وغصنُ الْبان أجْنِي منه ورداً ... بأحْداقِي وفي عقلي يمِيلُ

ويُسكرني بدُرٍّ من عقِيقٍ ... فتخجل من شَمائلهِ الشَّمُولُ

رقيقٌ لأن عِطْفا رَقَّ خَصْراً ... وجار عليَّ ناظرهُ الكحِيلُ

يذكِّرني البُروق له ابْتسامٌ ... ويُشْجِيني من الوُرْقِ الهَديلُ

وشِمْت البرقَ في الظلماء سيفاً ... على ضعف الكرى ماضٍ يصولُ

تُرى الأيام تنظِمنا بمصرٍ ... ويَحْظَى في بُثَينته جميلُ

تُرَى ما حالُ ذاك البدر بعدي ... أزاهٍ أم كما عنه يقولوا

وليلٍ زارني منه خيالٌ ... سُرِرت به وقد رَقَّ المَلولُ

فأرْشفني مُداما من أقاحٍ ... وجاد بوردِه الخدُّ الأسِيلُ

وقد أنكرتُ فيه بنتَ آسٍ ... فقلتُ الآسُ يَهْواه العليلُ

وعهدي فيه كالمرآة صافٍ ... صَقيلٍ كم به فُتِنتْ عقولُ

وكالروضِ النَّضير فقال هذا ... سِياجٌ قلتُ كيف لنا دخولُ

فقال الوردُ ليس له بقاءٌ ... وعهد الآسِ باقٍ لا يحُولُ

فقلت الآس بغيةُ أهل مصرٍ ... وراغِبُه بجِلِّقنا قليلُ

رفُقتُ فلم أجدْ للوصلِ أصْلاً ... وبان الروضُ والظلُّ الظليلُ

وكان له بمصر رفيق خليع، خطف لصٌ عمامته وشج رأسه، فكتب إليه يسليه:

إمامَ الفضل مَن حاز الكرامَهْ ... لرُزْئِك قال طَرْفي للكرَى مَهْ

أقام وقوعُك الأحزانَ عندي ... وقد شاهدتُ أهوالَ القيامَهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>