هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن أَخِيه أبي بكر عبد الحميد عَن سُلَيْمَان بن بِلَال الْقرشِي التَّيْمِيّ عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن حَفْص بن عبيد الله، وَرِوَايَته عَنهُ من رِوَايَة الأقران لِأَنَّهُ فِي طبقته.
والْحَدِيث أخرجه فِي الْجُمُعَة فِي: بَاب الْخطْبَة على الْمِنْبَر عَن سعيد بن أبي مَرْيَم عَن مُحَمَّد ابْن جَعْفَر بن أبي كثير عَن يحيى بن سعيد عَن ابْن أنس: أَنه سمع جَابر بن عبد الله وَلم يسمه، وَذكر أَبُو مَسْعُود أَن البُخَارِيّ إِنَّمَا قَالَ فِي حَدِيث مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن يحيى عَن ابْن أنس وَلم يسمه، لِأَن مُحَمَّد بن جَعْفَر يَقُول فِيهِ: عَن يحيى عَن عبيد الله بن حَفْص ابْن أنس، فَقَالَ البُخَارِيّ: عَن ابْن أنس ليَكُون أقرب إِلَى الصَّوَاب.
قَوْله:(كَانَ الْمَسْجِد مسقوفاً على جُذُوع من نخل) أَرَادَ: أَن الْجُذُوع كَانَت لَهُ كالأعمدة. قَوْله:(إِلَى جذع مِنْهَا) أَي: من تِلْكَ الْجُذُوع، وَكَانَ إِذا خطب يسْتَند إِلَى جذع مِنْهَا. قَوْله:(كصوت العشار) ، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وبالشين الْمُعْجَمَة، وَهُوَ جمع: عشراء، وَهِي النَّاقة الَّتِي أَتَت عَلَيْهَا من يَوْم أرسل عَلَيْهَا الْفَحْل عشرَة أشهر، وَفِي حَدِيث جَابر عِنْد النَّسَائِيّ من (الْكُبْرَى: اضْطَرَبَتْ تِلْكَ السارية كحنين النَّاقة الحلوج. انْتهى. والحلوج، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَضم اللَّام الْخَفِيفَة، وَآخره جِيم: النَّاقة الَّتِي انتزع مِنْهَا وَلَدهَا. وَفِي حَدِيث أنس عِنْد ابْن خُزَيْمَة فحنت الْخَشَبَة حنين الوالدة، وَفِي رِوَايَته الْأُخْرَى عِنْد الدَّارمِيّ: خار ذَلِك الْجذع كخوار الثور، وَفِي حَدِيث أبي بن كَعْب عِنْد أَحْمد والدارمي وَابْن مَاجَه: فَلَمَّا جاوزه خار الْجذع حَتَّى تصدع وَانْشَقَّ، وروى الدَّارمِيّ من حَدِيث بُرَيْدَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: اختر أغرسك فِي الْمَكَان الَّذِي كنت فِيهِ كَمَا كنت؟ يَعْنِي: قبل أَن تصير جذعاً، وَإِن شِئْت أَن أغرسك فِي الْجنَّة فَتَشرب من أنهارها فَيحسن نبتك وتثمر، فتأكل مِنْك أَوْلِيَاء الله تَعَالَى، فَقَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْتَار أَن تغرسي فِي الْجنَّة.