للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - ما يتعلق بسؤال الملكين للمقبور وإقعاده، حق ثابت في النصوص وإنما يشكل إذا حكمنا المعتاد في الدنيا، وتحكيمه بإطلاق غير صحيح لقصوره وإمكان خرق العوائد، إما بفتح القبر حتى يمكن إقعاده، أو بغير ذلك من الأمور التي لا تحيط بمعرفتها العقول، فالله جل وعلا جعل للعقول في إدراكها حداً تنتهي إليه لا تتعداه (١)، ولذا "أجمع أهل السنة على وجوب الإيمان بسؤال القبر وعذابه، لآيات وأخبار متواترة المعنى" (٢).

٥ - واختلف الناس في سؤال القبر، كم مرة يكون؟

فقيل: ثلاث مرات، وقيل: المؤمن يسأل سبعة أيام، والكافر أربعين صباحاً وقيل: مرة واحدة، وهو الذي استظهره ابن عبد البر، فقال: "والآثار المرفوعة كلها في هذا المعنى، تدل على أن الفتنة - والله أعلم - مرة واحدة" (٣).

٦ - واختلف الناس في سؤال الأطفال، هل يُسألون ويمتحنون أم لا؟ على قولين مشهورين:

الأول: أنهم يمتحنون وكذا المجنون، وهو قول أكثر أهل السنة.

واحتجوا بما ورد من الدعاء للطفل: «اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» (٤)، قالوا: وهذا يدل على أنه يفتن.

وكذا احتجوا بما ثبت عن أنس رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على صبي أو صبية، فقال: «لَوْ كَانَ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ لَنَجَا هَذَا الصَّبِيُّ» (٥).


(١) الشاطبي: الاعتصام: (٨٤٣)،ابن رجب: تفسير ابن رجب: (١/ ٦٠٠)
(٢) المناوي: فيض القدير، المكتبة التجارية الكبرى - مصر، ط ١ ١٣٥٦ هـ (١/ ١٣٠).
(٣) ابن عبد البر: التمهيد: (٢٢/ ٢٥١)، انظر: السيوطي: شرح الصدور: ص (١٤٤)، النفراوي: الفواكه الدواني: (١/ ٩٨)، ابن حجر الهيثمي: الفتاوى الفقهية الكبرى: (٢/ ٣٠)، ابن رجب: تفسير ابن رجب: (١/ ٥٩٩)
(٤) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب الجنائز: باب ما يقول المصلي على الجنازة ح (٧٧٦).
(٥) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ح (٢٧٥٣)، وصححه الألباني في صحيح الجامع ح (٣٥٠٧).

<<  <   >  >>