للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أهل التفسير: وإنما عُبر عن اليوم الآخر بالغد إما:

- "لدنوه وقربه، أو لأن الدنيا كيوم والآخرة كغد" (١).

- "وقيل: جُعل مجموع زمان الدنيا كنهار عند الآخرة" (٢).

- "وقيل: كأن الدنيا والآخرة نهاران: يوم وغد" (٣).

ولا يخفى ما في تنكير (غدٍ) وتنوينه، من تعظيم لهذا اليوم من جهات لا تحصى قال في الظِلال: " وهو تعبير كذلك ذو ظلال، وإيحاءات أوسع من ألفاظه .... ومجرد خطوره على القلب يفتح أمامه صفحة أعماله، بل صفحة حياته، ويمد ببصره في سطورها كلها، يتأملها وينظر رصيد حسابه بمفرداته وتفصيلاته، لينظر ماذا قدم لغده في هذه الصفحة، وهذا التأمل كفيل بأن يوقظه إلى مواضع ضعف، ومواضع نقص، ومواضع تقصير، مهما يكون قد أسلف من خير، وبذل من جهد، فكيف إذا كان رصيده من الخير قليلاً ونصيبه من البر ضئيلاً؟.

إنها لمسة لا ينام بعدها القلب أبداً , ولا يكف عن النظر والتقليب " (٤).

ومن هنا قال الخلوتي رحمه الله: " يمكن أن يقال ليوم الآخرة غد " (٥).

إن الإيمان باليوم الآخر فرض واجب، " وهو الركن الثاني للدين الذي بعث الله به الرسل، وبه يكمل الإيمان بالله تعالى، ويكون باعثاً على العمل الصالح، وترك الفواحش والمنكرات، والبغي والعدوان " (٦).

فالإيمان باليوم الآخر، بلسم للمظلومين المقهورين، وسعادة للمحرومين؛ " يحي الأمل في النفوس وهي تتطلع للحياة الأخرى، فيجدّون في ترسيخ القيم والأخلاق والدين " (٧)


(١) النسفي: مدار التنزيل (٣/ ٤٦٢).
(٢) النيسابوري: غرائب القرآن ورغائب الفرقان ١٤١٦ (٦/ ٢٨٧).
(٣) الزمخشري: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (٤/ ٥٠٨).
(٤) سيد قطب: في ظلال القرآن (٢٨/ ٤٧).
(٥) الخلوتي: روح البيان (١٠/ ٣١).
(٦) رشيد رضا: الوحي الحمدي (١٧٥) وينظر: تامر متولي: منهج الشيخ محمد رضا (٥٠٨).
(٧) موسى الكعبي: المعاد يوم القيامة، مركز الرسالة، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، ص (٨).

<<  <   >  >>