للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت لليهود خيالات وأوهام نشأت من الفوقية التي يعيشونها والعنصرية البغيضة التي تلبسوا بها، وذلك أدى إلى انحراف ولا بد في العقائد التي شملت عليهم كقولهم: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٠)} [البقرة:٨٠].

وقولهم: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١١١)} [البقرة:١١١].

يقول الإمام ابن كثير:" يقول تعالى إخباراً عن اليهود فيما نقلوه وادعوه لأنفسهم من أنهم لن تمسهم النار إلا أياماً معدودة، ثم ينجون منها، فرد الله عليم ذلك بقوله (قل أتخذتم عند الله عهداً) أي: بذلك، فإن كان قد وقع عهد فهو لا يخلف عهده، ولكن هذا ما جرى ولا كان، ولهذا أتى "بأم" التي بمعنى "بل" أي: بل تقولون على الله ما لا تعلمون من الكذب والافتراء عليه (١).

وجاء في الآية الأخرى قوله جل وعلا: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤)} [آل عمران:٢٤].

فالذي حملهم على التولي والإعراض هو قولهم: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} وغرهم في دينهم، أي: ثبتهم على دينهم الباطل، ما خدعوا به أنفسهم من زعمهم أن النار لا تمسهم بذنوبهم إلا أياماً معدودات، وهم الذين افتروا هذا من تلقاء أنفسهم وافتعلوه، ولم ينزل الله به سلطاناً (٢).

وعليه: فمن جملة المزاعم التي يزعمها اليهود في استحقاقهم الدار الآخرة خالصة لهم وحدهم دون سائر البشر:


(١) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ت: سامي سلامة (١/ ١٤٦).
(٢) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، ت: سامي سلامة (٢/ ٢٨).

<<  <   >  >>