للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآيات في هذا المقام كثيرة تبين ما كان عليه نبي الله موسى عليه السلام وقومه من الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" وهكذا القرآن، فإنه قرر ما في الكتب المتقدمة من الخبر عن الله وعن اليوم الآخر، وزاد ذلك بياناً وتفصيلاً، وبين الأدلة والبراهين على ذلك" (١).

فأمر البعث والمعاد كان مشتهراً في أهل الكتاب، وكانوا يتحدثون به واستمر ذلك فيهم، ومن ذلك ما أخرجه ابن إسحاق عن محمود بن لبيد عن سلمة بن سلمة بن وقش قال: كان بين بيوتنا يهودي، فخرج على نادي قومه بني عبد الأشهل ذات غداة، فذكر البعث والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان، فقال: ذلك لأصحاب وثن لا يرون أن بعثاً كائن بعد الموت وذلك قبل مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ويحك يا فلان، أو ويلك، أو هذا كائن، إن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار؟ ويجزون عن أعمالهم؟ قال: نعم، والذي يحلف به، لوددت أن حظي من تلك النار، أن توقدوا أعظم تنور في داركم فتحمونه، ثم تقذفوني فيه، ثم تطينون عليّ وإني أنجو من تلك النار غداً (٢).

وبعد البعثة النبوية تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: قالت: دخلت علي عجوزان من عُجز يهود المدينة فقالتا: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم قالت: فكذبتهما ولم أنعم أصدقهما، فخرجتا ودخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت له: يا رسول الله إن عجوزين من عجز يهود المدينة دخلتا علي فزعمتا أن أهل القبور يعذبون في قبورهم، فقال - صلى الله عليه وسلم -:" صدقتا، إنهم يعذبون عذاباً تسمعه البهائم" (٣).


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى ت: عبدالرحمن بن قاسم (١٧/ ٤٤) ١٧.
(٢) ابن إسحاق: السير والمغازي (١/ ٨٤)، ابن القيم: هداية الحيارى (٢٤٨)، الشوكاني: إرشاد الثقات، ص (٢٣).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب المساجد، باب استحباب التعوذ من عذاب القبر، ح (٥٨٦).

<<  <   >  >>