للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: أو (١) النون أيضًا حرف خَفِيٌّ إذا كانت ساكنةً، فهذه تجري مَجرى الحرف المدغم.

وقريبٌ من ذلك: قولُهم: «الْتَقَتْ حلقتَا البِطَان» (٢)؛ لأن اللام تضارع النون؛ أَلَا ترى أن تقطع (٣) اللام غُنَّة كالنون؟ وهي أيضًا تقرُب من الياء، حتى إن بعضهم لَيجعلُها ياءً في اللفظ.

ونظيرُ هذا: حَمْلُهم "لَعَلِّي" على "كأنِّي" و"إنِّي"، وأنَّهم قالوا: بِلْو سفر، وبِلْي سفر (٤)، فأبدلوا؛ لضعف (٥) حَجْز اللام، كما قالوا: قِنْية؛ لضعف حَجْز اللام (٦)، وإنما هي عندنا من: قَنَوتُ، ومثل "بِلْي": قولُهم: هو من عِلْية الناس، وناقةٌ عِلْيان (٧)، وهذا كلُّه عندنا أجودُ من قولهم: عِذْي (٨)، وصِبْيان (٩)؛ لأنه لا غُنَّةَ في الذال والياء.

فأما إبدال يُونُسَ هذه النونَ في الوقف ألفًا وجَمْعَه بين ألفين فهو الضعيف المستكرَه.

وقال أبو إِسْحاقَ (١٠) لخَصِيمٍ نازَعَه في جواز اجتماع ألفَيْن، وقد قال الرجل: هذا -وأطال مدَّ الألف-: لو مددتَّها إلى العصر ما كانت إلا ألفًا واحدةً.

وعلَّةُ ذلك عندي: أن الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا، فلو التقى (١١) ألفان


(١) كذا في المخطوطة، ولعل الصواب: والنون، وفي الخصائص: فالنون.
(٢) مَثَلٌ يضرب للأمر يبلغ الغاية في الشدة والصعوبة، تقدَّم قريبًا.
(٣) كذا في المخطوطة، والصواب ما في الخصائص: أن في مقطع.
(٤) أي: أبلاه السفر. ينظر: تاج العروس (ب ل ي) ٣٧/ ٢٠٣.
(٥) انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.
(٦) كذا في المخطوطة، والصواب ما في الخصائص: النون.
(٧) هي الضخمة الطويلة المشرفة. ينظر: القاموس المحيط (ع ل و) ٢/ ١٧٢٣.
(٨) هو الزرع لا يسقيه إلا المطر. ينظر: القاموس المحيط (ع ذ ي) ٢/ ١٧١٧.
(٩) انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.
(١٠) ينظر: الغرة المخفية ١٢/ب، وشرح المفصل لابن يعيش ٩/ ٣٨.
(١١) انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>