للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الشك، و"أَوْ" ليست كذلك، بل قد يُبنى الكلام أوَّلًا على الشك، فتكون كـ"إِمَّا"، وقد يَبني المتكلم كلامَه على اليقين أوَّلًا، ثم يدركه الشكُّ، وهذا هو الذي عناه أبو مُوسَى بقوله: إن الكلام مع "إِمَّا" لا يكون إلا مبنيًّا على ما لأجله جيء بها، و"أَوْ" قد لا تكون كذلك، بل الأظهر فيها أن يُبنى الكلام قبلها على اليقين، ويجوز أن يُبنى الكلام قبلها على الشك، إلا أن ذلك قليل، ولذلك أتى بـ"قد"؛ لأنها تعطي التقليلَ.

وقال ... (١): "أَوْ" هي الأصل، ولهذا لم يُختلف في كونها حرفَ عطفٍ، واتَّسعت أقسامُها، وإنما التُزم التكرار في "إِمَّا"؛ تقويةً لِمَا تفيده من الشك وغيرِه، ففي "أَوْ" يمضي صدرُ الكلام على الجزم، ثم يَعْقُبُه الشكُّ، وفي "إِمَّا" يُستفتح الكلام بها مشكوكًا فيه، وهو معنى قوله: لا يكون إلا مبنيًّا على ما لأجله جيء بها، فلا ينفك كلامُك عن الشك مع "إِمَّا" من أوله إلى آخره.

وقولُه: على ما لأجله جيء بها: أي: المعاني التي تقدَّمت من الشك والإبهام.

وقولُه: و"أَوْ" قد لا تكون كذلك: أي: قد تأتي بعد أن يمضي صدرُ الكلام على الجزم، وقد تأتي مثلَها، كما في قولك: أقام زيدٌ أو عمرٌو؟ وفيها هنا مضى صدر الكلام على الشك.

ع: الظاهرُ أنه إنما يُعطف في نحو هذا المثال بـ"أَمْ"، وأنه يقال: أزيدٌ قام أم عمرٌو؟ بتوسيط المتحقّق (٢).

وزعم بعض أصحابنا أن المراد من قوله: على ما لأجله جيء بها: أنها تُعلِّق الحكمَ بأحد الأمرين، و"أَوْ" قد لا تكون كذلك، كما إذا كانت بمعنى الواو، نحو:

أَوْ يَسْرَحُوهُ بِهَا (٣) ... ....


(١) موضع النقط كلمة لم أتبينها في المخطوطة، ورسمها: اللرفي، ولعلها: اللورقي، وكلامه في المباحث الكاملية ١/ ٣٧٢ مختصر.
(٢) انتهى هنا تعليق ابن هشام على الكلام المنقول.
(٣) بعض بيت من البسيط، لرجلٍ من هُذيل، تقدَّم بتمامه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>