قوله:{لَقَدْ أَضَلَّنِي} اللام مُوَطّئَة للقَسَم، و (قد) للتحقيقِ، فالجملة إذَن مؤكَّدة بثلاثةِ مؤكِّدات: القسم و (اللام) و (قد)، وهو يؤكد في هَذَا اليوم أن ذلك الخليل أضلَّه تأكيدًا يُراد به لومُ نفسه، ولكن ذلك لا ينفعه الآن، لو كان هَذَا التأكيد في الدُّنْيا لَنَفَعَه، أَمَّا الآن فلا ينفعه، ولكنَّه يزيد في تحسُّره.
قوله:{لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ} يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أي القُرْآن]، وهو بناءً منه عَلَى أَنَّ المرادَ بالظالمِ كما سَبَقَ هو عُقْبَة بن أبي مُعَيْط، فيَكُون المراد بالذكر القُرْآن، وإذا قُلْنا بالعموم -وهو الراجح- يَكُون المراد بالذكر الكِتَاب المنزَّل على ذلك الرَّسولِ، ففي عهد موسى التوراة، وفي عهد عِيسى الإنجيل، وكذلك في العُهُود الأُخْرى الكُتُب المنزَّلة على الرُّسُل.
قوله:{بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي} هَذَا الظرف له فائدته العظيمة، يعني بعد أن حصل لي الذكر وعَلِمته وفهِمته؛ حَصَلَ الإضلالُ، وهذا أبلغ ممَّا لو أضلَّه عن أمرٍ متوقَّع