للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما ثبوت الجُناح على الأولياء إِذَا دخلوا بغير اسْتِئْذان فالْأَمْر فيه ظاهر وجهه، أنهم لم يدخلوا بغير اسْتِئْذان إلَّا لأَن هَؤُلَاءِ قصّروا في واجب التربية والتأديب، ومن قصّر في واجب ترَتَّبَ علَيْه ما يَتَرَتَّبُ على تركه، هَذَا بالنِّسْبَةِ للأولياء.

وبالنِّسْبَةِ للماليك أيضًا ظاهر أن عليهم جُناح، لأنهم تركوا الواجب وهم مكلّفون بالغون عاقلون، فيأثمون بما يُخالفون الشَّرع.

وبالنِّسْبَةِ للصغار هَذَا هو المشكل؛ فإن الصّغار لا إثم عليهم؛ فكَيْفَ يصح أن ينفي الإثم مع أنَّه لا إثم عليهم، فإن دَلالَة المَفْهُوم تدُلّ على أنَّه يثبت الجنال كوُلَاءِ الصّغار إِذَا دخلوا في هَذِهِ الأوْقات بغير اسْتِئْذان، وهَذَا وجه إِشْكال، فكَيْفَ يثبت الإثم على من لم يُكلّفوا؟

الجواب: على هَذَا أن يُقال: دَلالَة المَفْهُوم لا يُشترط فيها العُموم، وإنَّما تصح وتصدق بالدَّلالَة على فرد من أفراده، ولِهَذَا يَقُولُونَ: المَفْهُوم لا عُمُوم له، بمَعْنى أنَّه يصدق بصُورَة واحدة، فيَكُون المَفْهُوم على حسب الأدلَّة، وهَذه قاعِدَة مطردة.

وهنا صدقت بصورتن من ثلاث، فدَلالَة المَفْهُوم تصدق بصُورَة واحدة من مِئَة صُورَة أو مِئَات، فكَيْفَ وقد صدقت الآن بصورتين من ثلاثة، والصُّورَة الثَّالِثَة لَوْلا الأدلَّة على خروجها لم تخرج أيضًا، والأدلَّة على خروجها عمومات الأدلَّة على أن الصَّغير غير مكلّف وأنه لا إثم عليه.

قَوْلهُ: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ} يَقُول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [لِلْخِدْمَةِ {بَعْضُكُمْ} طَائِف {عَلَى بَعْضٍ}] اهـ.

<<  <   >  >>