للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهَذَا هو الَّذِي صح عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - (١)؛ من أجل تغيُّر الحال؛ لأَنَّه في الزمن السَّابِق كَانَت البُيُوت غير محجّبة ولَيْسَ لِلإنْسان غرفة خاصة للنوم، وكان هَؤُلَاءِ الأطفال وهَؤُلَاءِ المماليك إِذَا دهموا النَّاس وفتحوا الباب بدون اسْتِئْذان قد يدخلون وهم على عورة، وقد يدخلون والْإِنْسَان على امرأته؛ فأُمروا بالاسْتِئْذان.

أما بعد أن وسّع الله الْأَمْر وصَارَت البُيُوت محجّبة وصَارَ النَّوْمُ له غرف خاصة؛ فإننا نقول: لا بأس من دخول المنزل عامَّة في هَذِهِ الأوْقات بدون اسْتِئْذان؛ لأَن العِلَّة الَّتِي أمر الله بالاسْتِئْذان من أجلها زالت، لكن حكم غرفة النَّوم في هَذِهِ الأوْقات الثَّلاثة باقٍ، فلا يجوز الدُّخول لهؤُلَاءِ الأطفال والمماليك إلَّا بعد اسْتِئْذان؛ لئلا يدخلوا والْإِنْسَان على حال لا يحب أن يطّلع علَيْه فيها أحد.

قَوْلهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّه: [أَي المَمالِيك وَالصِّبْيَان، {جُنَاحٌ} هو فِي الدُّخُول عَلَيْكُمْ بِغَير اسْتِئْذَان {بَعْدَهُنَّ} أَي بَعْد الْأَوْقَات الثَّلَاثَة هُمْ] اهـ.

(الجُناح) بمَعْنى الإثم، وقَوْلهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ} واضح في نفي الجُناح عن الَّذينَ آمنوا، لأنهم مُكَلَّفون، فهم ممَّن يوصفون بالإثم وعَدَمِه.

منطوق الآية أن الدُّخول بغير اسْتِئْذان في غير هَذِهِ الأوْقات الثَّلاثة لَيْسَ فيه إثم لا على الأَوْلياء ولا على الصَّغِار والمماليك؛ لقَوْله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ}، وهَذَا واضح لَيْسَ فيه إِشْكال؛ فمفهوم الآية الْكَرِيمَةِ ثبوت الجناح عليكم وعليهم في الدُّخول بغير اسْتِئْذان في هَذِهِ الأوْقات الثَّلاثة، الجناح على الأولياء والصغار والمماليك إِذَا دخلوا بغير اسْتِئْذان في هَذِهِ الأوْقات الثَّلاثة.


(١) تفسير القرطبي (١٢/ ٣٠٣)، وتفسير ابن كثير (٦/ ٨٢).

<<  <   >  >>