للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِنْسَان أن يدخل عَليْك غرفة النَّوم، فإنَّه يفتح الباب بسرعة، هَذَا أَشَدّ، فالحُكْم باق في الحَقيقَة.

والاسْتِئْذان لدخول البَيْت عُمومًا صحيح أنَّه قد زال؛ لأَن النَّاس كانوا في الزمن السَّابِق الحجرة هي حجرة النَّوم وحجرة الأكل وحجرة الجلوس وكل شَيْء، لكن بعد أن وسَّع الله على المُسْلِمِينَ توسعت المباني؛ فصَارَ النَّوْمُ له غرفة خاصة والجلوس له غرفة خاصة وما أشبه ذَلِك، فنقول: الحُكْم باقٍ لكنَّه بالنِّسْبَةِ للغرف المعدَّة للنوم، فإن هَؤُلَاءِ لا يدخلون حَتَّى يستأذنوا في هَذِهِ الأوْقات الثَّلاثة.

أما لو دخل الْإِنْسَان الغرفة الَّتِي ينام فيها في غير هَذِهِ الأوْقات الثَّلاثة فالأَصْل أنَّه لم يدخل للنوم، فالاسْتِئْذان علَيْه لَيْسَ بلازم إلَّا إِذَا علم أن هَذِهِ الغرفة أيضا محل لخلع الثِّياب ولبسها، فإنَّه إِذَا دخل غرفته فلابُدَّ أن يستأذن؛ لأَنَّه يُخشى أن يَكُون خلع ثوبه ليلبس الثَّوْبَ الآخر فتدخل علَيْه على وجه تبدو فيه العورة. فبيّن الله في هَذِهِ الآيَة سبب تَخْصِيصها بهَذه الثَّلاث، والحكْمَةُ في الاسْتِئْذان في هَذِهِ الأوْقات الثَّلاثة أنَّها أوْقات عورة تُلقى فيها الثِّياب غالبًا للنوم، إما للتهيؤ له أو بعده أو من أجل الحَرّ، كما في قَوْلهُ: {مِنَ الظَّهِيرَةِ}.

ثم نقول: هل هَذِهِ الآيَة محكمة وباقٍ حكمها أو منسوخة؟

الجواب: اختلف فيها المفسرون كما تقدَّم، منهم من قَالَ إنها منسوخة ولَيْسَ له دَليل سوى الواقِع وهو تغير النَّاس وعدم اسْتِئْذانهم؛ فظنوا أنَّه نُسخت.

وقال آخرون: بل هي محكمة وباقية.

وقال آخرون: إنها محكمة ولكن ترك النَّاس العَمَل بها من أجل تغيُّر الحال،

<<  <   >  >>