يعني: سمّيت هَذِهِ الأوْقات أوْقات عورة؛ لأنَّها إِذَا أُلقيت الثِّياب فيها للنوم، أو للتهيؤ له أو لكونه أثر النَّوم كما هو الحال قبل صلاة الفجر، فإنَّه تبدو فيها العورة، وكأنَّ عادة النَّاس في ذَلِك الوقت أن الْإِنْسَان إِذَا نام يخلع ثيابه ويلتحف بلحاف وينام، وعلى هَذَا فالعورة تبدو؛ لأَن الْإِنْسَان لَيْسَ علَيْه إلَّا لحاف، وهو متهيئ للنوم؛ وهَذَا لا بأس به.
أما عادة النَّاس اليوم، فهل هي كَذلِكَ؛ يُمْكِن أن يوجد بعض النَّاس لا يلبس، لكن الظَّاهِر أن غالب النَّاس أنهم يلبسون ثوبًا ساترًا.
وكَذلِك أيضًا: كانوا في الزمن السَّابِق، البُيُوت لَيْسَت فيها حجاب ولا أستار، فإذا فاجأ العَبْد أو الصَّغير صاحب المنزل في هَذَا الأوْقات اطّلع على عورته، أما الآن فالبُيُوت محجبة والستور مكثفة، ولهَذَا لو دخل البَيْت ولم يستأذن فإن الحُكْم قد زال، لأَن الحُكْم يدور مع علته؛ حيث قَالَ اللهُ تعالى:{ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} ولأجل ذَلِك اختلف أهْل العِلْم في هَذِهِ الآية.
فزعم بعضهم أنَّها منسوخة، وَذلِك لأَن النَّاس تركوا العَمَل بها من قديم.
وقال آخرون: بل هي محكمة وباقية، وروي عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - بسند صحيح أن هَذِهِ الآيَة محكمة لكن في حال دون حال.
وعندنا أن الحُكْم باقٍ وإن كَانَت البُيُوت محجبة؛ لأنَّنا نقول: الْإِنْسَان عادة إِذَا أَرَادَ أن ينام فإنَّه ينام في مكان خاص، فإذا أَرَادَ أحد من هَؤُلَاءِ المماليك والصغار أن يستأذن علَيْه في محل النَّوم الخاص فإن الحُكْم باق، وماذا تُغني الأَبواب إِذَا أَرَادَ