للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدلول عليه باللام؛ لأن اللام واقعة في جواب القسم المقدر ــ أي: والله لئن؛ والثاني المنازع للقسَم: «إن» الشرطية؛ وكل من القسم، والشرط يحتاج إلى جواب؛ فجواب القسم: {ما تبعوا قبلتك}؛ والمحذوف جواب الشرط؛ لأن الشرط مؤخر؛ فاستغنى عن جوابه بجواب القسم؛ يقول ابن مالك:

(واحذف لدى اجتماع شرط وقسم جواب ما أخرت فهو ملتزم) وقوله تعالى: {أتيت} بمعنى جئت؛ و {الذين أوتوا الكتاب} يعني اليهود، والنصارى؛ و {بكل آية} الباء للمصاحبة؛ والمعنى: مصطحباً كل آية؛ ويحتمل أن تكون الباء للتقوية ــ أي: تعدية الفعل؛ و «الآية» العلامة على صدق ما أتيت به إليهم؛ يعني: إن أتيتهم بكل آية تدل على صدق ما أتيت به {ما تبعوا قبلتك} أي الكعبة؛ لعنادهم، واستكبارهم.

قوله تعالى: {وما أنت بتابع قبلتهم}: الواو هنا استئنافية؛ لأننا لو جعلناها عاطفة على قوله تعالى: {ما تبعوا قبلتك} لصار المعنى: وما أنت بتابع قبلتهم في حال إتيانك بالآيات التي تدل على صدق ما جئت به؛ ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يتبع قبلتهم مطلقاً؛ وهذا هو السر في التعبير - والله أعلم بالجملة الاسمية في قوله تعالى: {وما أنت بتابع}، وفي الكلام عنهم أتى بالجملة الفعلية في قوله تعالى: {ما تبعوا قبلتك}.

قوله تعالى: {وما بعضهم} أي الذين أوتوا الكتاب {بتابع قبلة بعض}: فاليهود لا تتبع قبلة النصارى؛ والنصارى لا تتبع قبلة اليهود؛ لأن النصارى يقولون: إن اليهود كفار؛ واليهود يقولون: إن النصارى كفار ليسوا على حق؛ ولهذا يكذبون عيسى صلى الله عليه وسلم.