للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المدينة، فقالتا: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم" فهذه الرواية محمولة على أن إحداهماتكلمت وأقرّتها الأخرى على ذلك, فنسب القول إليهما مجازًا والإفراد يحمل على التكلم. وزاد في رواية أبي وائل: "فكذبتهما" (١).

[٢٦٤ أ/س]

فإن قيل: روى مسلم من طريق ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - (٢) /قالت: " دخلت عليَّ امرأة من اليهود وهي تقول: هل شعرت أنكم تفتنون في القبور؟ قالت: فارتاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إنما تفتن يهود. قالت عائشة - رضي الله عنها -: فلبثنا ليالي، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل شعرت أنه أوحى إليَّ أنكم تفتنون في القبور؟ قالت عائشة: فسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ من عذاب القبر" (٣).

وبين هاتين الروايتين مخالفة؛ لأن في هذه أنه - صلى الله عليه وسلم - أنكر على اليهودية وفي الأولى أنه أقرها.

فالجواب ما قاله النووي تبعًا للطحاوي وغيره: أنهما قضيتان أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - في القضية الأولى, ثم أعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك ولم يعلم عائشة - رضي الله عنها - , فجاءت اليهودية مرة أخرى فذكرت لعائشة - رضي الله عنها - ذلك فأنكرت عليها مستندة إلى الإنكار الأول فأعلمها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الوحي نزل بإثباته. انتهى (٤).

وقال الكرماني: يحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ سرًا فلما رأى استغراب عائشة - رضي الله عنها - حين سمعت ذلك من اليهودية أعلن ليترسخ ذلك في عقائد أمته ويكونوا على خيفة من فتنته. انتهى (٥).


(١) صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب التعوذ من عذاب القبر (٨/ ٧٨) (٦٣٦٦).
(٢) [- رضي الله عنها -] سقط من ب.
(٣) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التعوذ من عذاب القبر (١/ ٤١٠) (٥٨٤).
(٤) شرح مشكل الآثار (١٣/ ١٩٧). وشرح صحيح مسلم (٥/ ٨٦).
(٥) الكواكب الدراري (٧/ ١٤٧).