للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الحافظ العسقلاني: وكأنه لم يقف على رواية الزهري عن عروة التي تقدمت آنفًا؛ أي: فلذلك ذكر ما ذكره بالاحتمال, وقد تقدم في باب التعوذ من عذاب القبر في الكسوف من طريق عمرة، عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن يهودية جاءت تسألها، فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة - رضي الله عنها - رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيعذب الناس في قبورهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عائذًا بالله من ذلك. ثم ركب ذات غداة مركبًا، فخسفت الشمس" فذكر الحديث وفي آخره "ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر" (١). وفي هذا موافقة لرواية الزهري وأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن عنده علم بعذاب القبر لهذه الأمة.

[٢٦٤ أ/ص]

وأصرح منه ما رواه أحمد في مسنده بإسناد صحيح على شرط البخاري عن سعيد بن عمرو بن سعيد الأموي عن عائشة - رضي الله عنها - " أن يهودية كانت تخدمها، فلا تصنع عائشة - رضي الله عنها - إليها شيئًا من المعروف، إلا قالت لها اليهودية: وقاك الله عذاب القبر، قالت: قلت: يا رسول الله، هل للقبر عذاب؟ قال: كذبت يهود، لا عذاب دون القيامة. ثم مكث بعد ذلك ما شاء الله أن

يمكث، فخرج ذات يوم نصف النهار، وهو /ينادي بأعلى صوته: أيها الناس، استعيذوا بالله من عذاب القبر حق" (٢)، وفي هذا كله أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما علم بحكم عذاب القبر؛ إذ هو بالمدينة في آخر الأمر.

فإن قيل: الآية، أعني قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [إبراهيم: ٢٧] الآية مكية، وكذا قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر: ٤٦]؟.

فالجواب: أن عذاب القبر يؤخذ من الآية الأولى بطريق المفهوم في حق من لم يتصف بالإيمان، وكذا بالمنطوق. وفي الآية الثانية (٣) في حق آل فرعون، وإن التحق بهم من كان له حكمهم


(١) صحيح البخاري، أبواب الكسوف، باب التعوذ من عذاب القبر في الكسوف (٢/ ٣٦) (١٠٥٩).
(٢) مسند الإمام أحمد بن حنبل، مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها (٤١/ ٦٦) (٢٤٥٢٠).
(٣) [الثالثة] في ب.