للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الزين بن المنير (١): "هذا الخبر يتناول بلفظه من قالها؛ فَبَغَتَهُ الموتُ، أو طالتْ حياتُه؛ لكنَّه لم يتكلم بشيء غيرها، ويُخْرِجُ بمفهومه: مَنْ تَكَلَّمَ لكنَّه استصحب حكمها من غير تجديد نطق بها؛ فإن عمل أعمالًا سيِّئةً كان في المشيئة، وإنْ عمل عملًا صالحًا؛ ففي سعة رحمة الله تعالى، إذ لا فرق بين الإسلام والقطعي، وبين الحكمي المستصحب"، انتهى (٢).

وحكى الترمذيُّ عن عبد اللهِ بن مبارك: أنّه لُقَّن عند الموت، فأُكْثِرَ عليه، فقال: إذا قلتُ مرة؛ فأنا على ذلك مالم أتكلم بكلام (٣).

وهذا يدلُّ على أنَّه كانَ يرى التفرقة في هذا المقام، وروى ابن أبي حاتم في ترجمة أبي زرعة: "أنَّه لما احتضر أرادوا تلقينه؛ فتذاكروا حديث معاذ - رضي الله عنه -، فحدَّثهم به أبو زرعة بإسناده، وخرجت روحه في آخر قوله: "لا إله إلا الله".، رحمه الله (٤).

فإنْ قيل: لمَ حذف البخاريّ جواب "مَنْ" في الترجمة؛ مع أنَّ لفظ الحديث: " مَن كانَ أخر كلامه لا إلَهَ إلا اللهُ دخلَ الجنة"؟


(١) هو الإمام: زين الدين عليّ بن محمد بن منصور أبو الحسن ابن المنير الأصغر (ت: ٦٩٥ هـ)، وقيل: (٦٩٦ هـ)، وهو أخو ناصر الدين ابن المنير الأكبر (ت: ٦٨٣ هـ)، صاحب كتاب المتواري على أبواب البخاري، وقد يخلط بينهما؛ كما اختلط فيه بعض العلماء، ولم يفرقوا بينهما. ينظر ترجمته: الأعلام للزركلي (١/ ٢٢٠)، و (٤/ ١٧٧).
(٢) فتح الباري (٣/ ١٠٩).
(٣) الجامع الصحيح سنن الترمذي، محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرين، الناشر دار إحياء التراث العربي، بيروت، أبواب الجنائز، باب (ما جاء في تلقين المريض عند الموت، والدعاء له عنده) (٣/ ٢٩٨) (٩٧٧).
(٤) الجرح والتعديل، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي، الحنظلي، الرازي ابن أبي حاتم (المتوفى: ٣٢٧ هـ)، طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة: الأولى، ١٢٧١ هـ ١٩٥٢ م (١/ ٣٤٥).