للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فالجوابُ: أنَّه قد قيل مراعاة لتأويل وهب بن منبه؛ لأنَّه لما قيل له: " أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ "، قال: "بلى، ولكنْ ليس مفتاحٌ إلا له أسَنَان. . . إلى آخره"، فكأنَّه أشار بهذا إلى أنَّه لا بدَّ مِن الطاعاتِ، وأنَّ بمجرَّدِ القول به بدون الطاعاتِ لا يَدْخُلُ الجنَّة.

فظنَّ هذا القائلُ أنَّ رأى البخاريِّ في هذا مثل رأى وهب بن منبِّه؛ فلذلك حذف لفظ" دخل الجنَّةَ"، الذي هو جواب "مَنْ"، والذي يظهر أنَّ حذفه إنَّما كان اكتفاءً بما ذُكِرَ في حديث الباب؛ فإنَّه صرَّح بأنَّ من مات -ولم يشرك بالله شيئًا-؛ فإنَّه يدخلُ الجنَّة -وإنْ ارتكب الذنبين العظيمين المذكورين فيه- (١)، مع أنَّ الداوديَّ (٢) قال: "قول وهب محمول على التشديد، أو لعلَّه لم يبلغه حديث أبي ذر - رضي الله عنه -، وهو حديث الباب (٣) ".

ثمَّ الظَّاهر مِن حديث معاذ المذكور مِن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي في صحيح مسلم: "لَقِّنُوا موتاكُمْ لا إلَهَ إلا اللهُ" (٤)، الحديث.

أي: من قَرُبَ موتُه؛ كقوله -تعالى-: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: ٣٦] أنَّه يذكر عند المحتضر قول: "لا إلَهَ إلا الله"؛ ليتذكرَ، بلا زيادة عليه، فلا تُسنُّ زيادة (محمدٌ رسولُ اللهِ)؛ لظاهر الأخبار.


(١) الجرح والتعديل، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي، الحنظلي، الرازي ابن أبي حاتم (المتوفى: ٣٢٧ هـ)، طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الأولى، ١٢٧١ هـ = ١٩٥٢ م (١/ ٣٤٥).
(٢) هو أحمد بن نصر، أبو حفص الداوديّ: فقيه مالكي. له كتاب (الأموال - خ) في أحكام أموال المغانم والأراضي التي يتغلب عليها المسلمون. النصيحة في شرح صحيح البخاري: ويسميه البعض " النصيح "، وقد ألف هذا الكتاب الجليل في تلمسان حيث ألف أكثر كتبه بها. الأعلام للزركلي (١/ ٢٦٤).
(٣) شرح الداودي على صحيح البخاري مفقود، أورده ابن حجر في" فتح الباري" (٣/ ١١٣)، وعزاه للداودي.
(٤) صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت؛ كتاب الجنائز، باب (تلقين الموتى لا إله إلا الله)، رقم الحديث (٦/ ٦٣١) (٩١٦).