للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا نوع آخر في الاستعمال القرآني لكلمة الوحي جاء به القرآن يقول العزيز الحكيم: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} ١١، ١٢: فصلت، يقول البيضاوي [٣٥] عند قوله سبحانه: {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} : شأنها وما يتأتى منها بأن حملها عليه اختيارا أو طبعا، وقيل: أوحى إلى أهلها بأوامره ونواهيه "اهـ. والذي نميل إليه هو الأول وهو أن الله سبحانه سخر السماوات بنظام قدره وأبدعها على النحو الذي أراده، وللغاية التي يريدها ويعلمها أي أمر لكل سماء بما قدره فكان كما أراده وقدره من أجرام وكواكب، وبما فيهن من خلق كريم كالملائكة، وما الله به أعلم.

ويقول سبحانه عن حالة الأرض يوم البعث: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} ٤، ٥: الزلزلة، فالمتبادر من المعنى أنها تحدث أخبارها لأن الله {أَوْحَى لَهَا} أي أمرها وأذن لها بأن تحدث، ويفصل الزمخشري [٣٦] القول فيقول: "معناه تحدث أخبارها بسبب إيحاء ربك لها، وأمره إياها بالتحديث، ويجوز أن يكون المعنى يومئذ تحدث بتحديث أن ربك أوحى بها، على أن تحديثها: "بأن ربك أوحى لها لا تحديث بأخبارها، ويجوز بأن يكون {بِأَنَّ رَبَّكَ} بدلا من أخبارها وكأنه قيل: تحدث بأخبارها بأن ربك أوحى لها لأنك تقول حدثته كذا بكذا، أوحى لها: بمعنى إليها: وهو مجاز كقوله سبحانه: {أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ٨٢: يس، وقوله: مجاز قضية لسنا بمجال الخوض [٣٧] فيها الآن، وللزمخشري وجهته، ولكل وجهته..بيد أن الحمل على الحقيقة هنا هو الذي تجدد دلائله ناصعة.

(١٠) وحي الشيطان إلى أوليائهم: