للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما المالكية: فقد عللوا ذلك بما جاء في حديث "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " وفي بعض الروايات "عند كل وضوء " وبما أن الأمر المنفي في الحديث؛ هو الأمر المقتضي للوجوب لا غير، فبقي الأمر المفيد للندب. إذ هو لا مشقة فيه. أو كما قال الباجي: فالمراد هنا - أي المنفي -:الوجوب واللزوم دون الندب فقد ندب صلى الله عليه وسلم إلى السواك وليس في الندب إليه مشقة لأنه إعلام بفضيلته واستدعاء لفضله لما فيه من جزيل الثواب [٢١٧] .

أما الشافعية والحنابلة: فقد استدلوا على القول بالسنة، بحثه صلى الله عليه وسلم ومواظبته عليه وترغيبه فيه وندبه إليه وتسميته إياه بالفطرة [٢١٨] .

والواقع أنه ليس هناك فرق كبير بين القولين: بالسنية والندبة - إذ يعرّف كل من السنة والمندوب عند الفقهاء: بأنه ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه. غاية ما في الأمر أن البعض يشترط لإطلاق الحكم بالنسبة حصول المواظبة عليه من النبي صلى الله عليه وسلم والبعض الآخر لا يشترط ذلك بل يكفي عنده حصول الفعل منه صلى الله عليه وسلم ولو مرة أو صدور الأمر به لا على سبيل الحتم والإلزام، بل على سبيل الترغيب والإرشاد.

وعلى أية حال: فإن التفرقة بين الأمرين، من اصطلاحات الفقهاء، وكما قيل: لا مشاحة في الإصطلاح لكن ما ينبغي التعويل عليه. أن جميع الفقهاء بما فيهم ابن حزم [٢١٩]- ما عدا ما نقل عن داود وإسحاق - متفقون على أن السواك ليس بواجب. والعمدة في الإستدلال على ذلك؛ بالحديث المخرج في الصحيحين؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لولا أن أشق على المؤمنين - وفي حديث زهير: على أمتي - لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " [٢٢٠] .