للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الموطأ من حديث ابن شهاب الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة: " لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك مع كل وضوء " [٢٢١] كما أخرج البخاري رواية "مع كل وضوء" تعليقاً. وأسندها ابن خزيمة في صحيحه والحاكم وصححها.

وبما أن "لولا "حرف امتناع لوجود؛ أي لولا وجود المشقة من وجوب استعمال السواك عند كل صلاة أو عند كل وضوء؛ لحصل الأمر بذلك، وبما أن المشقة حاصلة فقد امتنع الأمر المقتضى للوجوب وبقي حال السواك على ما كان عليه من الندب إليه والحث والترغيب فيه.

وقد استند علماء الحنابلة والشافعية ومعهم ابن حزم على الرواية الأولى التي جاءت بلفظ "عند كل صلاة " في قولهم بمشروعية السواك عند كل صلاة. كما اعتمد المالكية والحنفية وبعض الشافعية على الرواية الثانية التي جاءت بلفظ " مع كل وضوء " في القول؛ بأن السواك مشروع عند كل وضوء وقد تأول بعض علماء الفريق الثاني الحديث الأول، وقالوا: إنه على تقدير عند وضوء كل صلاة.

وقد أكثر الفريقان من إيراد الحجج المؤيدة لدعوى كل منهما ودفع الإعتراضات الواردة عليها. إلا أنه يمكن القول بأن الإستياك عند كل صلاة وإن كان أقوى سنداً لذكر دليله في الصحيحين وغيرهما فإن القول الثاني أنسب عملاً؛ لما علمنا أن السواك يندب غسله قبل الإستعمال أو بعده وقد قالت عائشة رضي الله عنها:"كنا نعدُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة آنية مخمرة من الليل؛ إناء لطهوره وإناء لسواكه وإناء لشرابه "رواه ابن ماجه [٢٢٢] وهذا لا يتوافر غالباً في موطن الصلاة.

كما سبقت الإشارة إلى أن بعض العلماء قد كره الإستياك في المسجد بدعوى أن الإستياك من باب إزالة القذر والمساجد منزهة عن ذلك.