قال الملك عبد العزيز:"الإنسان يقوم على ثلاث فضائل: الدين، والمروءة، والشرف، وإذا فقد واحدة من هذه سلبته معنى الإنسانية"[٨] .
والتميز الأخلاقي حقيقة جلية يجدها الناظرون في صفحات التاريخ وفي معاملات المسلمين الذين أنعم الله عليهم بنعمة التوحيد، والخلوص من الشرك والتحرر من البدع والخرافات والدجل وكل ما يشين المسلم في دينه وعرضه ومروءته، وذلك بفضل الله تعالى ثم بفضل ما يسكبه صحة المعتقد وسلامة التدين من استقامة السريرة ونقائها.
ومن عشرات الأمثلة على ذلك ما قاله مستشرق يتحدث عن أخلاق المسلمين في الجزيرة العربية في أوائل القرن الرابع عشر الهجري / التاسع عشر الميلادي قال:
"ولدى الوهابيين [كذا] خصال حميدة، فهم لا يسرقون قط لا عن طريق القوة ولا عن طريق الحيلة، إلا إذا اعتقدوا أن المتاع يخص عدوا أو كافرا، وهم يؤدون أثمان كل ما يشترونه وأجور كل الخدمات التي تقدم لهم بالعملة التي لديهم، يطيعون زعماءهم طاعة عمياء، ويتحملون صامتين كل أنواع المشاق وهم على استعداد لأن يتبعوا قادتهم إلى أقصى أنحاء المعمورة.
إن الحقيقة تفرض عليَّ أن أعترف أنني وجدت جميع الوهابيين الذين تحدثت إليهم على جانب من التعقل والاعتدال، وقد استيقنت منهم كل المعلومات التي أوردها عن مذهبهم، ولكن على الرغم من اعتدالهم لا يستطيع السكان والحجاج سماع مجرد اسمهم دون أن تتملك الرجفة قلوبهم، ولا يتلفظون به إلا همسا، لذا فإن الناس يهربون منهم ويتجنبون التحدث إليهم قدر الإمكان، وكلما أردت التحدث إليهم كان عليّ أن أتغلب على كثير من الصعوبات التي يخلقها لي من يحيطون بي، والسبب الأول في هذه العداوة أن الناس لم يفهموا للوهلة الأولى المعنى الإصلاحي لهدم المزارات، وتقويض أضرحة الأولياء التي كان المؤمنون يؤدون لها واجب الإجلال، وقد كاد هذا الإجلال يتحول إلى نوع من العبادة التي لا تجب إلا لله وحده" [٩] .