للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٠- ومنها: ما روى البخاري في التفسير من صحيحه، من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، عن عبادة بن الصامت- رضي الله عنه- قال: "كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا, (وقرأ آية النساء) فمن وفي منكم فأجره على الله ... " [٦٣٣] الحديث.

وهو كذلك- أيضا- عند مسلم من طريق معمر، عن الزهري. قال فيه: "فتلا علينا آية النساء" [٦٣٤] . وقال البخاري في طريقه المتقدمة: "وأكثر لفظ سفيان [٦٣٥] قرأ الآية [٦٣٦] .

ووجه الإشكال في هذا أن هذه البيعة هي بيعة العقبة الأولى مع الاثني عشر من الصحابة للأنصار، وقد أخرجاه في الصحيحين من طريق عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، عن عبادة - رضي الله عنه - أنه قال: "إني لمن البعث الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئا ... " [٦٣٧] ، وذكر نحوه. وأخرجه مسلم - أيضا - من حديث أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة - رضي الله عنه - وفيه: "أخذ علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أخذ على النساء، أن لا نشرك بالله شيئا ... " [٦٣٨] ، وذكر بقيته. فهذه البيعة الأولى [٦٣٩] ، كانت قبل الثانية، وفي ليلة العقبة الثانية، شرط عليهم أن يمنعوه مما منعوا منه أزرهم، يعني نساءهم، ثم فرض القتال بعد ذلك، لما نزل قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} [٦٤٠] الآية. فإذا عرف ذلك فآية بيعة النساء التي في الممتحنة مدنية بالاتفاق [٦٤١] ، إنما نزلت بعد قصة الحديبية في سنة ست، فكيف يتصور أن تتلى في بيعة العقبة الأولى قبل الهجرة، بأزيد من عامين؟! وقد يمكن تأويل الرواية المتقدمة، على أن الذي اشترطه النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك الليلة، يشبه ما في آية بيعة النساء، لكن قول الراوي: "تلا الآية"، يبعد هذا التأويل. والله أعلم.