تعود إلى توضيح جزئية منها، لتضع المنكر للبعث أمام القدرة الإلهية، تلك الجزئية التي يشاهدها الإنسان ببصره، ويمارس عمليتها بيده، ويتذوق ثمارها بفمه، فهو دليل تبصره العين، وتلمسه اليد، ويذوقه الفم، فأي دليل أقرب وأمس بحياة الإنسان، من هذا الدليل الذي يلمسه الإنسان بنفسه، فيقول تعالى موضعا ذلك:{وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} بعضها لاصق في بعض لا يفصل بينهما جنس غريب من غير جنسهما، {وَجَنَّاتٌ} تحمل أنواعا من الأشجار المختلفة، ففيها الأعناب، والزروع، والنخيل الصنوان وغير الصنوان، هذه الأنواع كلها {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ} إما من السماء كماء المطر- أو المستخرج من الأرض، كماء الآبار، والعيون وتنبت في تربة واحدة، وصلة الأحوال الطبيعية بها، كالحرارة والبرودة واحدة، ومع ذلك، تأتي ثمارها مختلفة الطعوم، وألوانها مختلفة الأشكال، فمن أين جاء لها ذلك الاختلاف في اللون والشكل، وتفضيل بعضها على بعض في الطعم والذوق، مع أن كل الأسباب الظاهرة واحدة؟؟.
ليس من الجواب على هذا السؤال، إلا أن ذلك من فعل الخالق العليم، والمدبر الحكيم، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} لآيات، أي دلالات واضحات على كمال القدرة المبدعة، لمن أعمل فكره وعقله، في مخلوقات الله تعالى.