{يُفَصِّلُ الآياتِ} الكونية المشاهدة الدالة على عظيم القدرة ونفاذها، والآيات الدينية المبينة للطريق السوي الذي يلزم المكلف سلوكه والحقائق الغيبية التي لابد من الإيمان بها، واعتقادها، {لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} .
{لَعَلَّكُمْ} حين رؤيتكم لآياته الكونية المفصلة، وإدراككم لما فيها من إتقان وإحكام، دالين على قدرة من فصلها وبينها {تُوقِنُونَ} بأن وراء هذا التدبير المحكم مدبرا حكيما، وأن لهذا التفصيل والتوضيح مفصلا عليما حكيما لا بد من لقائه، في الحياة الأخرى. لمجازاتكم على أعمالكم، فذلك اللقاء، وتلك المجازاة، مما يوحي به ذلك التدبير والتفصيل، فالخلق يكون عبثا إن لم تكن هناك مجازاة على الإحسان والإساءة، قال تعالى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} .
تلك مشاهد العلو الكونية، عرضت على المخاطبين، ذلك العرض الموحى بالقدرة المبدعة من ورائها، ليأخذ منها الإنسان المنكر للبعث، أن خالقها، وحافظها، قادر على إعادته بعد موته.
ثم تأخذ الآيات القرآنية بيد المخاطب، إلى هذه الأرض التي يعيش عليها، قائلة، إذا لم تكتف أيها المرتاب في قدرة خالقك، بما تشاهده ببصرك من فوقك، فالتفت إلى ما تحت قدميك، وما هو مبسوط أمام عينيك، من هذه الأرض التي مدت، فوسعت، وأرسيت فاستقرت، وشقت بالأنهار الجارية. وأنبتت من كل الثمرات. ثم تعاقب الليل والنهار المستمر لما فيه سعادتك وقوام حياتك، كل هذه آيات تدعو الإنسان للتفكير فيها وفيما توحي به.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ} المتقدم ذكره من رفع السماء بلا عمد وتسخير الشمس والقمر، وخلق الأرض، ومدها وحفظها وشق أنهارها، واخرج زروعها وثمارها، {لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} .
وتمضى الآيات القرآنية، في توضيحها لآيات الله الكونية، فبعد عرضها الإجمالي لما تنبته الأرض، من أزواج الثمار المختلفة.