للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه ذكر رجلا فيمن سلف أو فيمن كان قبلكم- قال كلمة [٩] يعني أعطاه الله مالا وولدا، فلما حضرت الوفاة قال لبنيه: أيّ أبٍ كنت لكم؟ قالوا: خير أب. قال: فانه لم يبتئر [١٠]-أو لم يبتئر عند الله خيرا وإن يقدر الله عليه يعذبه، فانظروا إذا مت فأحرقوني حتى إذا صرت فحما فاسحقوني- أو قال فاسحكوني- فإذا كان يوم ريح عاصف فأذروني فيها. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: فأخذ مواثيقهم على ذلك وربي، ففعلوا ثم أذروه في يوم عاصف، فقال الله عز وجل، كن فإذا هو رجل قائم. قال الله: أي عبدي ما حملك على أن فعلت ما فعلت؟ قال: مخافتك- أو فرق منك- قالت: فما تلافاه أن رحمه عندها، وقال مرة أخرى: فما تلافاه غيرها"، فحدثت به أبا عثمان فقال: سمعت هذا من سلمان غير أنه زاد فيه: "أذروني في البحر أو كما حدث" [١١] .

فقد دل هذا الحديث على كمال القدرة التي لا يعجزها شيء فكل ما أراده الله عز وجل متوقف على قوله له {كُنْ} فإذا هو كائن كما أراد.

وقد أورد ابن كثير في تفسير قوله تعالى {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} حديثا رواه الإمام أحمد عن أبى ذر رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله تعالى يقول يا عبادي كلكم مذنب إلا من عافيت فاستغفروني أغفر لكم، وكلكم فقير إلا من أغنيت، إني جواد ماجد واجد، أفعل ما أشاء، عطائي كلام، وعذابي كلام، إذا أردت شيئا فإنما أقو ل له كن فيكون" [١٢] ثم نزّه نفسه عما ينسبه إليه الكافرون من العجز؛ فقال {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فبيده مقاليد السموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله، وإليه ترجع العباد في يوم المعاد، فيجازي كل عامل بعمله.

النموذج الثالث- من المسلك الأول: