فقد حكى شبهة منكري البعث في الآية الأولى، تلك الشبهة هي استبعاد وقوع المعاد فإن عقولهم لم تتصور إمكان الإعادة ووقوعها، بعد تمزق الأجساد وتفرقها. وقد بين لهم عز وجل أنه لا مكان لهذا الاستبعاد، ولا مجال له مع القدرة الإلهية، ولهذا وبخهم بهذا الأسلوب التعجيزي، فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم بقوله:(قل) يا محمد مجيبا هؤلاء المنكرين لقدرتنا، على إعادة أجسامهم الضعيفة إلى حالتها الأول التي أوجدناها عليها، {كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً} أو أي نوع يعظم عندكم عن قبول الحياة، لكمال المباينة، والمنافاة بينهما وبينه، فإنكم مبعوثون، ومعادون للمجازاة على أعمالكم لا محالة، ولكنهم بعدما سمعوا، أمعنوا في جحودهم، فقالوا: إذا كنا كذلك من حجارة أو حديد، (من يعيدنا) ؟ فجاءهم الجواب بما هو مسلم عندهم لو عقلوا {قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} . أي هو الذي أنشأكم أولا، ولم تكونوا شيئا مذكورا، هو القادر على إعادتكم ثانيا، وأنتم تعترفون بأنه خالقكم، ومنشئكم {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ... }(الزخرف آية ٨٧) فكيف تستبعد عليه الإعادة؟؟